بقلم: كمال فتاح حيدر ..
على خلاف كل القضاة والمحامين الذين حكموا وترافعوا في قضايا ملفقة ضد أبناء جلدتهم. وتورطوا في مواقف خدموا فيها الاستعمار البريطاني. وجاملوا فيها غزوات فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة على حساب مصير اخوانهم وأشقاءهم. أبتداءً من إبراهيم الهلباوي الذي ترافع عام 1906 ضد شهداء مذبحة دنشواي في محكمة ترأسها سيء الصيت (بطرس غالي)، الذي كان متحيزاً للإنجليز في أحكامه الجائرة ضد أبناء وطنه. و وصولاً الى مرافعة (تال بيكر) المكلف رسميا من الكيان الصهيونى بالدفاع عن النتن في محكمة العدل الدولية، واستشهاده بتصريحات أبو الغائط عندما وصف رجال المقاومة بالارهابيين. .
وفي خضم هذه الحشود الإعلامية الغربية والعربية الداعمة لحملات الإبادة الجماعية، ومواقف السلطات المصرية التي اغلقت بوابات رفح، ومنعت وصول المساعدات، (وإن وصلت تُقصف في الطريق). ومواقف السلطات الأردنية التي أرسلت شاحناتها العسكرية لتنقل الذخيرة والعتاد إلى مخازن النتن ياهو. .
في هذا الأجواء التي اختفت فيها المبادئ الإنسانية والمعايير الأخلاقية، وغابت فيها العدالة، جاءت (عديلة هاشم) من جنوب أفريقيا لتقول كلمة الحق في مواجهة القوى الشريرة المدعومة أوروبياً وأمريكياً وماسونياً، فوقفت بكل بسالة وثبات للذود عن حقوق الشعب الفلسطيني الذي اجتمعت عليه الجيوش الهمجية لترتكب أبشع مجازرها أمام أنظار العالم. .
صدحت (عديلة) بصوتها المجلجل أثناء مرافعتها تحت قبة محكمة العدل، واستعرضت لائحتها المؤلفة من 84 صفحة استغرقت نحو 25 دقيقة، لإدانة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. وكان العالم كله يتابع سردها القانوني الموثق، لتصبح أول محامية تنبري لجرائم إسرائيل في معركة قانونية تابعها الملايين، فلفتت الأنظار ببلاغتها وشجاعتها وحسن أداءها في تقديم الحجج الدامغة. .
تمتد مسيرة عديلة هاشم المهنية لعقود نجحت فيها في الدفاع عن قضايا مرتبطة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وهي متخصصة في القانون الدستوري والإداري والصحي. ثم عملت في سلك القضاء، وساهمت في العديد من الدوريات الحقوقية، وشاركت في تأسيس منظمة Corruption Watch المعنية بمكافحة الفساد، ولديها العديد من المؤهلات الأكاديمية، تشمل بكالوريوس في الآداب والقانون، وماجستير في القانون، ودكتوراه في العلوم القضائية. وقد تم قبولها في نقابة المحامين في جوهانسبرج منذ عام 2003. .
حصلت خلال مسيرتها الناجحة على جوائز وتكريمات، من بينها جائزة (حقوق الإنسان) من منظمة العفو الدولية عام 2002، وجائزة (المرأة المتميزة) من جنوب إفريقيا، وجائزة (القانون والعدالة) من مؤسسة فورد عام 2010، وغيرها. .
شيء آخر: ينبغي ان ندرك ان كل ما يزعج العدو هو انتصار لنا، وكل ما يغضبه هو مكسب لنا. وكل من يقف ضد عدونا فهو صديقنا. لقد أبدى العدو انزعاجه الشديد من اللغة الرصينة التي تحدثت بها عديلة. وكانت بحق عديلة وعادلة ومعدلة. .
ختاماً: نقف بكل تقدير واحترام لصاحبة الرسالة الإنسانية السامية الشريفة. رسالة المبادئ والأخلاق والعلم والمواقف النبيلة. ونرفع القبعة للسيدة التي ارتقت بمهمتها نحو تحقيق الأهداف السامية. وتباً لكل متخاذل ومتواطئ. وسحقا لكل شيطان اخرس. .