بقلم: كمال فتاح حيدر ..
نعم. كلها تبحر بأمان في خليج عدن، وتعبر بسلام من مضيق باب المندب، ما عدا السفن الاسرائيلية. فقرار المنع يقتصر على سفن بعينها، ومرهون بوقف إطلاق النار في غزة. لكن قادة البنتاغون ظلوا يضللون الرأي العام، ويتحدثون بلغة الترهيب والتهويل في محاولة لبث الرعب في نفوس طواقم النقل البحري، فقالوا لهم ان المنع يشمل الجميع بلا استثناء. ثم قادهم حبهم المفرط لإسرائيل إلى استنفار السفن الحربية الاوربية لدعم أسطولهم المقيم في المنطقة، فتزاحمت الفرقاطات والمدمرات وتخبطت، حتى ارتطدمت السفينة الحربية البريطانية (تشيدينغ فولد) بالسفينة الحربية (بانغور). وكانت الحشود البحرية سببا في تردي الأوضاع في البحر الأحمر، وتأخر شحنات نفط مجموعها 9 ملايين برميل في طريقها من السعودية والعراق إلى أوروبا، وكان من الطبيعي ان تضطر ناقلات النفط الخام لتغيير مساراتها والدوران حول رأس الرجاء الصالح. .
اما السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، والتي استعانت بالأساطيل الحربية في اجتياز عقبة باب المندب، فلم تفلت من الهجمات التي كان آخرها تعرض سفينة تجارية متوجهة إلى إسرائيل لهجمات صاروخية على بعد 85 ميلاً بحرياً جنوب شرقي مدينة الشحر اليمنية. وتعرض ناقلة أميركية ترفع علم جزر مارشال لهجوم شنته عليها 4 مسيّرات على بعد 87 ميلا جنوب شرقي المكلا. وتعرض السفينة (كيم رينجر) الأميركية في خليج عدن لرشقة من الصواريخ، رداً على الضربات الأميركية البريطانية على مواقع عسكرية تابعة لهم. فجاء تصريح بايدن مراوغاً ومخادعاً بقوله: (أن الضربات الأميركية البريطانية التي تستهدف الحوثيين في اليمن ستستمر ما داموا يواصلون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر)، وهو هنا يستخدم عبارة (السفن) على وجه العموم من دون ان يحدد هوية السفن الإسرائيلية المقصودة وحدها بالمنع وليس غيرها. .
وبالتالي لم يتسبب الحوثيون بتعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر، والدليل على ذلك الموانئ السعودية التي ظلت تستقبل السفن التجارية المتوجهة اليها بلا توقف عبر مضيق باب المندب، اخذين بعين الاعتبار ان المملكة تمتلك 8 موانئ على البحر الأحمر، معظمها موانئ رئيسية (غير فرعية). هي: ميناء جدة، وميناء جازان، وميناء الملك عبدالله، وميناء الملك فهد الصناعي، وميناء أملج، وميناء ضباء، وميناء الملك فيصل، وميناء ينبع. ويعتبر ميناء جدة وميناء الملك عبد الله من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط. ناهيك عن موانئ السودان ومصر وميناء العقبة الأردني. التي لم تشهد أي تعطيل في أعمالها. في حين تحوّل ميناء إيلات إلى ملاذ للغربان وتوقف تماماً بسبب الحصار اليمني الداعم لغزة. .
الحقيقة ان بعض خطوط الشحن البحري فهمت الرسالة الحوثية فسارعت لبث العبارة التالية على شاشات اجهزة التعريف الآلي: (NO ISRAEL / US INVOLVE) بمعنى: (لسنا مرتبطين بإسرائيل ولا بأمريكا). . .
كل الحلول الدبلوماسية متيسرة، وكل الخيارات السلمية متوفرة وفي متناول اليد. لكن الولايات المتحدة ومن خلفها إسرائيل هي التي تلجأ إلى لغة الحديد والنار في التعامل معنا. .