بقلم: حسن حنظل النصار ..
يحتفل العراق بيوم القضاء الذي يمثل تكريما لمؤسسة عريقة تحولت الى مجلس أعلى للقضاء في العراق وقد تأسس مجلس القضاء بتركيبة جديدة تضم كل من رئيس محكمة التمييز ونوابه ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف العدلي ورؤساء محاكم الاستئناف ومدير عام الدائرة الإدارية إذا كان من القضاة أو أعضاء الادعاء العام. وتطور الامر في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية حيث نصت المادة الخامسة والاربعين منه على إعادة تشكيل مجلس القضاء وأُعطي اسماً جديداً وهو (مجلس القضاء الأعلى) ويتشكل من رئيس المحكمة الاتحادية العليا رئيساً وعضوية كل رئيس ونواب محكمة التمييز الاتحادية ورؤساء المحاكم الاستئنافية الاتحادية ورئيس محكمة تمييز إقليم كردستان ونائبيه ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي. ثم جرى ترسيخ هذا المجلس بموجب المادة (87) من دستور جمهورية العراق النافذ.
نظم قانون السلطة القضائية رقم (26) لسنة 1963 شؤون القضاة في العراق إذ ان تشريعات تنظيم القضاء في العراق التي سبقته وضعت في ظل ظروف واوقات لم يتوخ فيها المشرع حرمة القضاء واستقلاله بقدر ما كان يتوخى فيها مصلحة الحاكمين على حساب العدالة. وأهم مستجدات هذا القانون هو تغيير اسم لجنة امور الحكام والقضاة التي كانت تدير شؤون القضاة إلى اسم (مجلس القضاء). وقد ضمت تشكيلة مجلس القضاء في القانون المشار اليه رئيس محكمة التمييز ورئيساً مجلس التمييز الشرعي ورئيس هيئة التفتيش العدلي ونائب رئيس محكمة التمييز واحد كبار موظفي وزارة العدلية، واستمر (مجلس القضاء) في ممارسة مهامه بإدارة شؤون القضاة. حتى عام 1977 حيث صدر قانون وزارة العدل رقم (101) لسنة 1977 وبموجبه الغي (مجلس القضاء) ليحل محله مجلس العدل، الذي يرأسه وزير العدل. وبذلك فقد القضاء استقلاليته فلم يمارس دوره إذ أصبحت السلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل مهيمنة عليه وحسب نظرياتها السياسية مما شكل انعطافة خطيرة وحادة في تاريخ القضاء العراقي وقد استمر الحال حتى تغيير النظام السياسي في 9/4/2003. وبعد 9/4/2003 ارتفعت الأصوات منادية باستقلال القضاء وبناء دولة القانون، فأرتئت الإدارة المؤقتة لقوات التحالف في حينه ان استقلال القضاء عامل مهم في حفظ امن المجتمع وضمانة من ضمانات الديمقراطية في العراق. فصدر الامر رقم (35) في 18/9/2003 بإعادة تأسيس (مجلس القضاء) حيث تصدرت ديباجة الامر العبارة التالية ((ان السبيل إلى فرض حكم القانون هو نظام قضائي مؤلف من كادر مؤهل وحر مستقل عن التأثيرات الخارجية)). فكان الهدف واضحاً من إعادة تشكيل مجلس القضاء هو تحقيق (دولة القانون) وقد حقق صدور الامر رقم (35) مكسبان:-
الأول / إعادة تأسيس مجلس القضاء ليكون مسؤولاً ومشرفاً على النظام القضائي في العراق وبشكل مستقل عن وزارة العدل.
الثاني / السعي لإقامة دولة القانون.
ان استقلال القضاء بسلطات خاصة يمكنه من حسم القضايا بمسمياتها كافة دون الرضوخ للضغوط او الارتباط بسلطة الحاكم كما كان معتادا في السابق ففي عهد نظام صدام حسين واجه القضاء في العراق محنة كبرى حين اراد النظام الحاكم حصر السلطات بيده ومنع الدولة من اداء مهماتها في خدمة المجتمع وتكريس المؤسسات لخدمة النظام والعبودية له وتنفيذ اجنداته التي لاتمثل ارادة الشعب وتطلعاته ومن هنا كان لابد من العمل الجاد والسعي المستمر لاستعادة هيبة القضاء وتحويله الى مؤسسة مستقلة كما هو الحال الان حين تأكد لنا القدرة والدور والتأثير الذي تمتلكه السلطة القضائية في العراق حيث التركيز على محاربة الفساد وملاحقة المتورطين بجرائم تهريب الاموال واستغلال الوظيفة والتجاوز على الصلاحيات وقد تابعنا كيف تطور عمل مجلس القضاء الاعلى عند تولي القاضي فائق زيدان رئاسة المجلس حيث تطور عمل القضاء من حيث الاجراءات والقوانين والاستقلالية وبناء المؤسسات التابعة للمجلس في المحافظات المختلفة والتواصل مع المؤسسات القضائية في مختلف بلدان العالم حيث قام السيد رئيس المجلس بزيارات عدة الى الخارج وعقد اتفاقيات وتفاهمات مع السلطات المحلية لمتابعة وملاحقة المطلوبين في قضايا فساد وكذلك تدريب وتطوير الكوادر المتقدمة والفعاليات الاساسية والعمل على بناء هيكلية متوازنة وفاعلة تجعل من القضاء الحصن الحصين للدولة وللشعب.