بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
لا تستقيم الأمم إلا بمؤسسات تسهر على مصالحها وتلبي متطلباتها في التربية والتعليم والإقتصاد والأمن والسياسة . وهي مؤسسات إذا نجحت في أداء واجباتها أكدت رسوخ الدولة ونظامها السياسي والإقتصادي والإجتماعي وتمكنت من الحفاظ على وجودها وهيبتها ومكانتها بين الأمم والشعوب وأثبتت علو كعبها في تحقيق مصالحها وعدم التعدي عليها من أي طرف كان ومهما كان بل وتجسدت لديها معالم قوة وهيبة ونهضة ونجاح ويحتاج ذلك إلى من يحميها ويراقب أداءها ويمنع المتجاوزين عليها والمتعدين على واجباتها وكينونتها ومن هنا فأن قيام الأمة في كل ذلك يعتمد على ركن أساسي وهو القضاء العادل والمنسجم مع تطلعاتها الأخلاقية والإنسانية .
تجربة مجلس القضاء الأعلى في العراق كانت تمثل تحدياً كبيراً بسبب الضغوط المتصاعدة نتيجة الظروف السياسية والأمنية والإضطراب الكبير في موقف القوى السياسية والحاجة إلى قرارات حاسمة من المؤسسة القضائية في حال التنازع السياسي والوصول إلى طريق مسدود يتطلب التدخل والحسم حيث نجح مجلس القضاء في جملة من التحديات الصعبة ما رفع من درجات الثقة به وبقيادته التي شهدت بوجود الدكتور القاضي فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى حسماً لملفات عدة وحضوراً متميزاً في ملاحقة الفساد والمحسوبية وملاحقة المتلاعبين بالمال العام . وشهدنا زيارات خارجية مهمة ولقاءات في الداخل أجراها القاضي فائق زيدان مع عدد من المسؤولين الدوليين والمحليين ووصلت إلى نتائج متقدمة أثمرت عن إتفاقيات لإسترداد المطلوبين للقضاء العراقي ومتابعة الإجراءات القضائية الكفيلة بإسترداد الأموال .
القاضي عماد الجابري رئيس محكمة إستئناف بغداد الرصافة يتابع بدقة كافة الإجراءات التي تصدر من محاكم الرصافة ويبذل جهود كبيرة بتطبيق القوانين العادلة . أن مجلس القضاء الأعلى مضى وبكافة تشكيلاته بإتجاه وضع خطط مدروسة لمكافحة هذه الجرائم بعدة محاور ،
إن تلك المحاور ومنها المحور الوقائي وجرائم الفساد المالي والإداري مكتملة الأركان تسبب الضرر في المال العام وأن إكتشافها ومعاقبة مرتكبيها لا يؤدي بالضرورة إلى درء الضرر ولذلك وجه مجلس القضاء بإيلاء البلاغات المقدمة من مواطنين وجهات انفاذ القانون والسلطات التحقيقية المقدمة في المحاكم المختصة الأهمية القصوى حيث بينت تلك البلاغات قيام موظفين في وزارات ودوائر دولة بالتخطيط لإرتكاب جرائم بحق المال العام وبذلت الجهود للتحقيق فيها وتدقيقها وأصدرت قرارات لضبطها ومرتكبيها قبل إتمامها بشكل كامل ومنع صرف الأموال ومحاسبة المتورطين ومن خطط لإرتكاب تلك الجرائم وكان لهذه الإجراءات الأثر في منع الهدر في المال العام بمليارات الدنانير . وبأعتباري خبيراً قضائيا لاحظت الجهود التي يبذلها القاضي هاشم الخفاجي نائب رئيس الإستئناف ورئيس لجنة خبراء الجدول في محكمة إستئناف بغداد الرصافة تعاونه الكبير من أجل تنفيذ القرارات القضائية وكذلك تعاونه وفق القانون مع الصحفيين ووسائل الإعلام العراقية .
إن المحاكم العراقية تبذل جهوداً كبيرة بالمحور المتعلق بملاحقة الجرائم ومرتكبيها وعدم الإكتفاء بالملاحقات القضائية وإدانة مرتكبي تلك الجرائم بشكل كامل بالتوسع بالتحقيقات المالية الموازية بقضايا الفساد المالي والإداري وتطبيق الإتفاقيات الدولية التي إنضم إليها العراق بخصوص مكافحة الفساد المالي والإداري وغسيل الأموال وإتخذ القضاء قرارات وإجراءات في عدد كبير منها وصولاً في بعض منها إلى إدارة الأموال المحجوزة ومراقبتها . إن هناك تفهماً في المحاكم العليا ومحاكم الجنايات لقضايا الأموال والتي بدأت تصدر فيها أحكام من محاكم الإستئناف والتمييز رغم الصعوبات والتي تفرض على القضاء أن يراعي فيها إفساح المجال لمن وجهت له التهم لتقديم الدفوع القانونية بشكل سليم ومراعاة منظومة العدالة الجنائية . إن القرارات والإجراءات القضائية التي أتخذت في المرحلة الماضية والحالية لمحاربة الفساد والجهود التي يبذلها مجلس القضاء الأعلى والمحاكم المختصة في محاربة الفساد وملاحقة المفسدين وحماية المال العام وإسترداد الأموال المهربة إلى الخارج ومرتكبي جرائم الفساد مع مراعاة منظومة العدالة الإجتماعية .
ما من شك أن الجهود التي بذلها ويبذلها القاضي عماد الجابري رئيس محكمة إستئناف بغداد الرصافة والقاضي خالد المشهداني رئيس محكمة إستئناف بغداد الكرخ في جملة من القضايا الحاسمة تشير إلى الإنسجام بين دوائر مجلس القضاء الأعلى ومؤسسات المجلس التي تعالج قضايا مختلفة خاصة قضايا الفساد التي هي الشغل الشاغل للعراقيين وللشعب العراقي . إن قضاة العراق مقاتلون في ميدان المواجهة مع الفساد وسينتصرون حتماً فتحية لهم جميعاً . Fialhmdany19572021@gmail.com