بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اشتهرت الممرضة البريطانية Florence Nightingale بلقب: (سيدة المصباح)، أو (حاملة المصباح) خلال حرب القرم 1854 – 1856، وكانت رائدة التمريض والرعاية الصحية في تلك الحقبة. .
ظلت فلورنس محتفظة بلقبها لكن الملحمة الغزاوية قدمت لنا أنموذجاً رائعاً لطبيبة عربية لا مثيل لها في الشجاعة والجرأة والبسالة والإقدام. .
طبيبة أعادت إلى الأذهان صورة الصحابيات الجليلات: أسماء والشيماء والخنساء. فشجاعتها تضاهي شجاعة النبلاء والفرسان بعد ان صار موقفها مثالاً يحتذى به في التضحية والإيثار. .
ظهرت الطبيبة (أميرة العسولي) في مقطع بطولي مصور وهي تخاطر بحياتها لإنقاذ جريح أصيب بعيار ناري اطلقه قناص من جيش الاحتلال ضد مجمع ناصر الطبي غرب خانيونس. فخاطرت بحياتها، وأصرت على إنقاذه، ثم خلعت معطفها الثقيل، وانطلقت نحو مكان الجريح بسرعة البرق متحدية القصف الوحشي الكثيف، غير عابئة بتساقط القذائف والشظايا. لم تتردد ولم تخش الموت، ولم تتأخر عن أداء واجبها الطبي والإنساني والوطني. .
قيل انها كانت تواصل دراستها العليا في مدينة القاهرة قبل تفجر الأوضاع في غزة، فقررت العودة إلى القطاع، وكانت لها إسهاماتها اليومية المشهودة في إنقاذ الجرحى وإسعاف المرضى. .
لقد تعرض منزلها للقصف والتدمير، وتعرضت الطوابق العلوية للمستشفى الذي تعمل فيه لقصف وحشي في الحملة العدوانية، في الوقت الذي كانت فيه الدبابات تحكم طوقها على الطرق المؤدية إلى المستشفى، لكن عزيمتها لم تنهار، فواصلت عملها في مواجهة الموت، وفي مواجهة المنغصات اليومية والأساليب التعسفية. .
امرأة تفوقت على الرجال الذين انشغلوا هذه الايام بكرة القدم، واشاحوا بوجههم عن غزة. . لقد انزعج ولي العهد الأردني من نتيجة مباريات بلاده ضد قطر، لكنه لم ينزعج لما آلت اليه احوال المنكوبين في غزة تحت وطأة الخوف والجوع والحرمان، وتحت تهديد القاصفات والراجمات. بينما كانت الشاحنات الأردنية والسفن المصرية هي التي تقدم الدعم المطلق لجيش الاحتلال. .
امرأة تساوي 100 جنرال من جنرالات المكسيكي، وتساوي 100 جنرال من جنرالات ملك البندورة، وتستحق جائزة نوبل، فقد حفرت اسمها في سجلات المروءة والنخوة والثبات. . .