بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ثم جاء الدور على الثيران الحمراء والسوداء والبرتقالية. وكانت نواياهم معروفة ومكشوفة، ويعلم بها البغال والحمير. ولم تكن خافية على الأبقار والأغنام. .
لقد رسم الصهاينة خارطتهم من النيل إلى الفرات منذ القرن الماضي، واعلنوا عن أهدافهم على رؤوس الأشهاد، ولم يخفوا نواياهم عن الإبادة الجماعية، ولا عن رؤيتهم لما سيأتي بعد ذلك، وعرض نتنياهو خرائطه المستحدثة في مؤتمرات ولقاءات دولية تناقلتها الفضائيات العربية كلها. ثم عرض خارطة أكثر وضوحا لملامح الشرق الأوسط الجديد في اجتماع كبير داخل مبنى الجمعية العمومية للامم المتحدة. ظهرت فيها غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية مدمجة كلها ومنصهرة داخل الارض المحتلة. ولم يعد لفلسطين أي وجود في تلك الخرائط المعروضة أمام انظار العرب المتأسلمة والعرب المستسلمة. وبات واضحا ان حملات قتل الفلسطينيين وتجويعهم وتهجيرهم جرت بعلم الجميع وبموافقة مسبقة منهم، وكان مشروع اقتلاعهم وطردهم من وطنهم من المشاريع التي لم تعترض عليها الجامعة العربية، ولا منظمة التهاون الإسلامي. وسوف تكون مقصلة الموت منصوبة عما قريب في الساحات والشوارع للصغار والكبار. فالخيار الوحيد الذي اقتنعت به حكومة مصر ورضيت به حكومة الأردن هو التهجير نحو المخيمات البعيدة، التي نصبوها لهذا الغرض على نفقة إسرائيل نفسها وبتمويل منها. واشتركت الدولتان العربيتان (مصر والأردن) في تنفيذ فقرات السيناريو المعلن، واشتركتا في الحصار الجائر على غزة، وفي توفير الإمدادات اللوجستية لإسرائيل، وفي التصدي للغارات الحوثية دفاعا عن خرائط التوسع الصهيوني. آخذين بعين الاعتبار ان التهجير القسري ليس فقرة دخيلة على مشاريع الإبادة الجماعية، فهي الفصل المكمل لمسرحية التطهير العرقي، فقد شحن النازيون ضحاياهم إلى أفران الموت، وسوف يشحن الصهاينة ضحاياهم إلى المخيمات البائسة خارج حدود خرائط نتنياهو وأسلافه. وهذه هي المراحل التي صادق عليها بايدن، والتزمت بها قطعان الثيران الحمراء والسوداء والبرتقالية. .
وهكذا ظهر النازيون الجدد بين النيل والفرات. عادوا بملامح جديدة وأجندات جديدة، ويتعين على الشعوب الواعية ان تقف بحزم في مواجهة مخططاتهم، ويعلنوا عن رفضهم الانضمام إلى الوحوش الكاسرة، وبخلاف ذلك فان حملات الإبادة الجماعية ستكون بانتظارنا كلنا. .