بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تنتمي هذه العصابة إلى جيوش القطعان الظلامية التي لا شغل لها منذ سنوات سوى إشاعة الفتن، وغرس مبادئ التفاهة، وتفجير براكين الغضب الطائفي وتأجيج النعرات القومية بين الشعوب والأمم، وصب الزيوت فوق نيران المجتمعات العربية باعتبارها فريسة سهلة يمكن خداعها وتضليلها في أي وقت لما تمتلكه من مؤهلات موروثة تجعلها مهيأة للوقوع في مصائد تلك العصابة، التي توسعت نشاطاتها بكثافة غير مسبوقة هذه الايام، واوشكت على تحقيق مآربها في عموم بلدان الشرق الأوسط. فاختارت منصات التواصل مسرحا لعملياتها، ونصبت كمائنها بين ثغرات السوشل ميديا. واستغلت سذاجة اصحاب العقول المشفرة. .
لهذه العصابة سرايا وفصائل تنشر كتاباتها وأفلامها، وتكتب تعليقاتها التحريضية بمعدل 24 ساعة في اليوم وبلا هوادة. مثال على ذلك: لديها سرايا تدافع عن المملكة السعودية وتتهجم في الوقت نفسه ضد الحكومة القطرية والشعب القطري، وسرايا تدافع عن قطر ضد السعودية. وسرايا تدافع عن الأردن ضد سوريا، وسرايا تدافع عن سوريا ضد الأردن، ولديها كتائب مخصصة للشيعة تظهر لك فيها الأسماء المزيفة من مثل: ابو زينب وأبو زهراء. وكتائب مخصصة للسنة تظهر لك فيها اسماء ابو حذيفة وأبو قتادة وأبو الفاروق. . وتكاد تقتصر معظم التعليقات على تبادل الشتائم واللعنات والكلمات البذيئة. فينساق وراؤهم المنساقون، وينجرف معهم المغفلون. .
وغالبا ما تلجأ العصابة 8200 إلى الذكاء الاصطناعي في إعداد الصور والمقاطع الصوتية والسينمائية لتغذية نيران الأحقاد بين المجاميع المستهدفة، وبما يسهم في تقطيع أواصر الروابط الوطنية والأخوية، وزعزعة الثقة بين أفراد الشعب الواحد. .
تأسست هذه العصابة عام 1952، وتعد من أقوى أذرع هيئة الاستخبارات الإسرائيلية، وتعمل في جميع أنحاء العالم، لكنها تمارس اعلى نشاطاتها في البلدان العربية. وتمتلك قدرات وخبرات تمكّنها من توفير المعلومات اللازمة للمؤسسات القطعانية بعد جمعها من خلال عمليات التجسس والاختراق، وتعتمد بشكل كبير على الكمائن السيبرانية. وقد برز اسمها على نطاق واسع منذ بدء عمليات طوفان الأقصى. .
تتألف العصابة من عناصر يجيدون اللهجات العربية والفارسية والتركية الدارجة، ومعظمهم ينحدرون من أسر شرق أوسطية. يتمركز مقرهم الرئيس في منطقة (جليلوت). وذكرت التقارير ان كتائب عز الدين القسام نجحت في اقتحام اهم أوكارهم (وكر أورين)، واحتجزت مجموعة من عناصرهم، واقتادتهم إلى قطاع غزة، ونجحت في التعرف على اسماء العملاء العرب المرتبطين بهم، والذين يتقاضون رواتب عالية، ويشكلون نخبة من الخطباء ورجال الدين والإعلاميين والفنانين. .
يبدو ان بعض العرب استهوتهم الفكرة، فتطوعوا للعمل في خدمة تلك العصابة من دون ان يعلموا انهم اصبحوا أدوات بيد الصهاينة. فقد اعترف الأردني (يوسف علاونة) انه فتح عشرات الحسابات الوهمية التي تسب الشيعة، وعشرات الحسابات الوهمية التي تسب السنة من اجل إذكاء نيران الفتنة الطائفية بين العراقيين على وجه الخصوص. والدليل على ذلك ان اعترافاته موثقة ومنشورة حتى الآن على شبكة اليوتيوب. .
ثم سارت معظم التنظيمات السياسية العربية على هذا المنوال. فظهرت لدينا مواقع ليبية وهمية، ومواقع سودانية وهمية، ومواقع سورية ولبنانية ومغربية وهمية. وظيفتها التسقيط والتشويش والتلفيق والافتراء والإساءة للغير. .
وهذا يعني ان العصابة 8200 وجدت البيئة المثالية لتكثيف نشاطاتها بين الفئات الناعقة مع كل ناعق. فأدوات التواصل مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى والمعتوهين، ولا فرق بينهم وبين الذين يحملون جائزة نوبل. . إنه غزو البلهاء والأغبياء. ولله في خلقه شؤون. . .