بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا فرق بين الشامي والكوفي في المعاناة، ولا فرق بين الطرابلسي والنابلسي، وبين البورسعيدي والبورسوداني إلا بقدر ما يتجرع كل منهما من الظلم والعذاب والتعسف. . هذا حالنا منذ ولادتنا وحتى مماتنا، نتعايش في مشوارنا العمري القصير مع المصائب والمنغصات، ومع الأحكام الغيابية الصادرة ضدنا من قهرمانات الاستثمار السياسي.
كنا نظن ان حكوماتنا تتفاعل معنا وتهتم بنا وتنشغل بأمورنا، ثم اكتشفنا أنها تتعامل معنا وكأننا من الاعداد الكسريّة غير المرغوب فيها، يراقبنا رجال الأمن وتطاردنا عناصر الشرطة، وتتربص بنا اجهزة المخابرات. اصبحنا غرباء في أوطاننا، واصبحت النخوة العربية من المفقودات القديمة. .
أرسل القريبون من غزة سبع طائرات اغاثة إلى مدينة سوزوف البولندية القريبة من حدود أوكرانيا، وعلى متنها 69 طناً من المساعدات إلى الشعب الاوكراني، لكنهم لم يرسلوا رغيفاً واحداً، أو كسرة خبز إلى الجياع الذين شارفوا على الموت من الوجع والحرمان. في الوقت الذي تقف فيه دولة القطعان الكبرى بكل قوتها في مجلس الأمن لتمنح الضوء الأخضر لدولة القطعان الصغرى في ارتكاب ما يحلو لها من مجازر بصيغة الدفاع عن النفس. .
انتشرت القواعد الحربية الغربية في عموم اوطاننا. فعادت علوج الروم فاتحةً وموطن العربِ المسلوبُ والسلّبُ. هذه أجواؤنا في العراق وسوريا وفلسطين واليمن باتت تزدحم بمسيرات مخيفة. ترعب من تشاء، وتقتنص من تشاء، تراقبنا وتطاردنا حيثما سرنا، وحيثما حذفتنا الأقدار. .
احدث ما سمعناه عنها أنها صارت تهبط في الطريق العام بمستوى إشارات المرور لتطلق النار من مسدس صغير مثبت على متنها، فتقتل سائق السيارة والذين معه بناء على رغبات العم سام، ثم تعود لتواصل هجماتها علينا في الليل والنهار. .
حدودنا مستباحة، وسيادتنا مفقودة. حتى مراسلاتنا الشخصية بهواتفنا المرتبطة بشبكاتنا المحلية صارت مرصودة لديهم ومسجلة بالتواريخ والعناوين. .
حكامنا يفرشون لجيوش الغزو أعينهم، ويدّعون وثوباً قبل أن يثبوا. فقد تحولت معسكراتنا وثكناتنا الحربية إلى قواعد ومقار لجيوشهم. وتحولت صحارينا وسهولنا إلى مهابط وأوكار لطائراتهم الارهابية والتجسسية. اما نحن فصرنا نقف بطوابير طويلة في المطارات العربية حيث التنكيل والترويع والابتزاز. يتحدث معنا ضباط الجوازات بكلمات تجريحية ومفردات خادشة. هل أنت سني أم شيعي ؟. مسيحي أم مسلم ؟. مغربي أم مشرقي ؟. موريتاني أم عماني ؟. .
يقال ان دولة القطعان الكبرى كانت تسمع نداءات الاستغاثة التي اطلقتها السفينة (تيتانك) قبل غرقها، وكانت تعلم ان زوارق النجاة غير كافية لإنقاذ الناس، وبعد غرق تيتانيك، تمكنت البنوك الدولية من تمرير قانون إنشاء مصرف احتياطي فدرالي في نهاية عام 1913، وبدأت بالسيطرة على النظام المالي العالمي. وكان هذا القانون مثار جدل كبير. .
ترى ما القانون الذي يخططون لأقراره من اجل السيطرة على الشرق الأوسط ؟. هؤلاء لهم في كل مصيبة منفعة، وفي كل كارثة مصلحة، وفي كل مجزرة وليمة. فالذئاب لا تهرول عبثاً. .