بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..
لم تكن هناك إسرائيل عندما وقعت النكبة عام 1948، ولكن تلك النكبة أنتجت كياناً سمي إسرائيل . وربما يصح أن نجيب عن تساؤلات البعض ممن شرحوا عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023 وهم يكتبون كل يوم ، هل كانت حماس محقة في عملية طوفان الأقصى؟. وربما يصح أن أسأل : هل كانت المنظمات الصهيونية والمتواطئين معها محقة في نقل آلاف اليهود من أصقاع الأرض إلى فلسطين ، تلك التي يسمونها أرض الميعاد؟. وهناك من يسأل : هل يستحق ما قامت به حماس كل تلك الأثمان الباهظة والخسائر المروعة في الأرواح والممتلكات والذكريات وخراب الديار وموت الآلاف وتهجير الملايين وجوع مئات الآلاف؟ والمشروعية في الأسئلة حاضرة سواء كانت لجهة الإستنكار أو التأييد . ولكن الحقيقة بعد ذلك وما لا يمكن تجاهله منها هو المعرفة التي تتوفر لكل مثقف وباحث ومنصف بطبيعة الإحتلال وهمجيته ووحشيته ونيته المبيتة على مدى كل تلك العقود من الزمن التي مرت وفيها كانت تلك النية حاضرة بالقتل والتهجير والتجويع والتنكيل والسجن لكل مقاوم وكل رافض . فهولاء لن يتوقفوا عند قيام دولة إسرائيل ، ولن يتوقفوا عند تهجير الفلسطينيين ، ولن يتوقفوا عند قتل وتجويع الأطفال وسجن الآباء والأمهات وتدمير البيوت والمزارع وقطع الكهرباء والماء وإغلاق المعابر والحرمان من العمل ، فمالديهم وكل مالديهم فكرة واحدة ونية ثابتة وهي القضاء على كل فلسطيني والسيطرة على كل شبر فلسطيني وأهداف ثابتة هي الإنتقال إلى كل شبر في بلاد الشام وكل شبر في سيناء وكل شبر في العراق والعبور إلى ما بعد ذلك إن إستطاعوا لأنهم يريدون إنهاء القضية بالكامل وتدمير كل شيء وتركيع العرب وإذلالهم والقضاء على إنسانيتهم تماماً ، وسحب الزعماء إلى تطبيع موهوم في حقيقته تركيع مكتوم يظهر رويداً وبمرور الزمن حتى يتحول العرب وحكومات العرب إلى جماعات مستسلمة راضية خاضعة غير معترضة على شيء تظهر الود لإسرائيل ولحلفائها الغربيين ثم تتحرك آلات الإعلام والكتاب والمنظرين وشيوخ الفيسبوك والمنصات المشبوهة لتنسج الخرافات عن فساد عقائد الرافضين للإحتلال وبطلان دعاوي المقاومين للمشروع الصهيوني ، وضلال الداعين إلى المواجهة مع إنهم يدركون إن تلك الدولة المزعومة ستأكل كل شيء وتبتلع كل شيء ولا تقدم للمتواطئين غير الزيف ثم تتركهم بعد تحقيق الأهداف الكاملة بقيام دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل .
عندما نسلم ببطلان قيام دولة إسرائيل وجريمتها في ترحيل الفلسطينيين إلى المنافي والشتات وعدم أحقية تلك لإسرائيل بإحتلال فلسطين ، نفهم تماماً إن كل ما يجري هو رد فعل على إحتلال باطل وإن المقارنة بين الحق وعدم القدرة على نيل الحقوق لا تبيح لأحد أن يجعل من تضحيات الفلسطينيين إنتحاراً طالما إن الإحتلال باطل ولايمتلك أية شرعية ولابد أن يزول في يوم ما برغم كل الوحشية والإجرام وآلة القتل والتعذيب اليومي المدعوم من الغرب المتوحش الذي يدعي الإنسانية الكاملة بينما يتغاضى عن الجرائم البشعة فهم يبيتون نوايا ممتدة لسنين طويلة قادمة تجاه المنطقة برمتها وقرروا تدمير كل من يقف في وجه الوعد التوراتي المزعوم والنيل من كل صوت مقاوم وسخروا لذلك كل ما يملكون من قدرات ونجحوا في إستقطاب فئات مختلفة من الكتاب وحتى رجال الدين لينظروا لفكرة الوحدة بين الديانات والشراكة الإنسانية متجاهلين كل التضحيات الفلسطينية ويمارسون بموازاة ذلك أبشع أساليب التخويف والتركيع والتخويف وعدم التردد في ضرب كل مكان يشكون بوجود مقاومة فيه ويلاحقون كل إنسان يعتقدونه خطراً على مشروعهم التوراتي الزائف .
من هنا لابد من القول بإن كل ما بني على باطل فهو باطل ، وإن كل ممارسة وسلوك عدواني ضد الشعب الفلسطيني ستكون شاهداً على جريمة منظومة كاملة من التنظير الباطل ومحاولة السيطرة الكاملة على كل منطقة الشرق الأوسط وضرب كل من يقف في وجه التمدد الصهيوني ووحشية جيش الإحتلال وعصاباته ضد الفلسطينيين الأبرياء المغلوبين على أمرهم والذين تخلى عنهم العالم وتشارك مع الصهاينة في جرائمهم بحق المضطهدين وأمدهم بالمال والسلاح والمعلومات ودون تردد بل صار ينتظر إعلان هزيمة حماس وقتل قياداتها ليحتفل بهزيمة الإرهاب كما يدعي دون أن يهتز له طرف لأنه عالم قائم على المصالح والكسب المستمر للمال والنفوذ عبر ذلك والجري خلف تنظيرات باطلة لمشروع سينتهي ويزول ويتحول إلى ذكرى تائهة . Fialhmdany19572021@gmail.com