بقلم: كمال فتاح حيدر ..
من يقصف مدينتك اقصف مدينته، ومن يقصف سفارتك اقصف سفارته وعلى الباغي تدور الدوائر. فالعين بالعين والسن بالسن. هذا هو القانون الذي آمنت به البشرية كلها منذ زمن حمورابي سادِس مُلوك السلالة البابلية الأولى. وهذا ما اكد عليه الله جل شأنه في محكم كتابه: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون). اما الآن ونحن في خضم المآسي والكوارث، فقد كانت كلمات الشاعر الراحل (أمل دنقل) من اقوى شعارات الأخذ بالثأر. بقوله: لا تصالح على الدم حتى بدم. . لا تصالح ولو قيل رأس برأسٍ. أكلُّ الرؤوس سواءٌ ؟. أقلب الغريب كقلب أخيك ؟. أعيناه عينا أخيك ؟. وهل تتساوى يدٌ سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثْكَلك. .
فالقوة التي ضربت السفارة الإيرانية في دمشق ليست كتيبة محسوبة على كيان الاحتلال. فالذي ضربها هو الكيان الباغي المستهتر، وبعلم مسبق من قادة الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي يتعين على الجيش الإيراني ان لا يعتمد هذه المرة على الفصائل المسلحة المحسوبة عليه، فلتكن ضربة بضربة، وسفارة مقابل سفارة. تماما على غرار الضربة التي سددها الكيان مع سبق الإصرار والتخطيط والترصد. وبالتالي يتحتم على ايران ان تضرب بيدها لا بيد غيرها. وهنا لابد من استعراض بياناتها التي عبّرت فيها عن قدرتها على ازالة هذا الكيان المستهتر بضربة واحدة. ثم توالت التهديدات والتصريحات التي تمحورت كلها حول جملة واحدة (نحتفظ بحقنا في الرد في المكان والزمان المناسبين). لكن الرد الموعود تأخر كثيراً، ولم يتحقق حتى بعد تسديد ضربة مباشرة إلى السفارة. فلا إيران ردت ولا سوريا ردت. .
ليس هنالك ادنى شك لدى العرب والمسلمين ان إيران هي الداعم الأقوى للمقاومة وفصائلها في مواجهة الاحتلال، ولا يختلف اثنان حول موقفها الثابت من غزة. ولكن ألم يأن الأوان أن تأخذ بثأرها وتنتقم من الذين يتفاخرون اليوم بتكرار ضرباتهم داخل ايران وخارجها من دون ان توجه اليهم إيران ضربة تأديبية مباشرة ؟. سيما ان المحتل الصهيوني يضرب بيده، ويسدد صواريخه من دون مراعاة للأعراف والقوانين الدولية. فهل عجزت ايران عن الرد بيدها ؟. أم انها تعد العدة لخطة مؤجلة وغير معلنة ؟. .
في كوكب الأرض الآن دولة مستهترة واحدة فقط تمتلك الجرأة لضرب سفارة ذات حصانة دبلوماسية، ثم توجه صواريخها بعد سويعات لتقتل المتطوعين الدوليين. ثم تدمر في اليوم نفسه مستشفى الشفاء بمن فيه من مرضى وجرحى وأطباء، وتواصل في اليوم نفسه حملات الاباده الجماعية ضد المدنيين في انتهاكات صارخة لإتفاقية جنيف واتفاقية فيينا ونظام روما الاساسي. في حين ليس هنالك من يجرؤ على محاسبتها، أو حتى يسألها لماذا ارتكبت هذه الجرائم المتوالية ؟. .
ختاما: قالوا هذا أسوأ رمضان مرَّ على الأمة، فقلنا لهم: بل هذه أسوأ أمة صامت رمضان. لكنها صامت عن قول كلمة الحق، وصامت عن الأخذ بثأرها، وصامت عن نجدة المظلوم. .