بقلم : عمر الناصر ..
تأخير وتعطيل اختيار رئيس مجلس النواب يعيد ذاكرتي السمكية المفعمة بالتراوما والكوميديا السوداء “المنيلة بستين نيلة” لزمن الخياطة في الماضي،عندما نذهب لخياطة بدلة رجالية، فيكون انهاء العملية على ثلاث مراحل،تبدأ من قياس “الاولچي” وتمر بمرحلة “البراوة” وتنتهي بالمرحلة الاخيرة عند الرجوع لاستلام البدلة، هكذا الحال اليوم بالضبط في مسألة اختيار رئيس البرلمان ، والذي كان من المفترض ان يكون غياب التيار الصدري قد اعطى فرصة ومساحة اكبر للفاعل السياسي سواء من الاطار التنسيقي او مايسمى “بإتلاف ادارة الدولة ” او من الكتل السنية والكوردية لحسم هذا الموضوع بشكل سريع على اعتبار بأن الجميع ضمن مركب التوافقية السياسية.
من يظن بأن التفكير بمبدأ احتكار السلطة سيبدأ يأخذ طريقه الى التطبيق لكي يندرج ضمن قائمة العرف السياسي كشيء مألوف وجزء من الثقافة السياسية المستقبلية ، ومن يعتقد بأن نيل الحصص والمغانم هي من تبني دولة فأقول” راجع طبيب عيون باقرب فرصة”، فمن غير الممكن ان يكون هنالك لا مبالاة وعدم اكتراث للمواطن واهمال وتوقف لمصالح الناس والدولة، نتيجة اختلاف المزاجات والاهواء والميول السياسية ذات المشاريع الحزبية المؤقتة ، ومن غير المعقول ان نذهب لتفصيل الدستور والنظام الداخلي حسب مقاسات ممن يعتقد بانه اصيب بغبن ومظلومية وفقد الكثير من المكتسبات السياسية في المرحلة الماضية .
منصب رئيس مجلس النواب اصبح يشكل عبئ كبير على المنتظم السياسي السني تحديداً نتيجة نظرية “تجزئة المجزء” ومن يطلع على حديث السيد “خميس الخنجر” في لقاءه الاخير بخصوص خطر الهيمنة والذهاب الى الحكم الرشيد بأنه لا يأتي الا من خلال ديموقراطية المضمون وليس ديموقراطية الشكل، هو كلام دقيق جداً قد اختزل مسيرة عشرين عام من الخلافات السياسية واختلال مبدأ التوازن كما عبر عنه السيد “الخنجر”في لقاءات سابقة ، وليس ببعيد قد نشهد بدعة جديدة لاحتكار السلطة بذريعة الاستحقاق الانتخابي وتمثيل المكوّن ،وعدم الاذعان لقرارات القضاء سيؤدي ربما لاحراجه مع الشارع وقد يفتح ابواب خلافات جديدة لاحصر لها ، سيما بعد ان اصاب العمود الفقري للنظام الداخلي لمجلس النواب الهشاشة والجمود وتلكؤه عن سن القوانين والتشريعات المُلحة. ان عدم ذهاب السياسيون لخوض جولة ثانية لاختيار رئيس المجلس ، وفقاً للتوافق وانصياعاً لقرار المحكمة الاتحادية البات والقاطع والملزم، واخذ خيار الترضية لسين وصاد وعين من الناس، هو تنصل واضح عن المسؤولية وضرب لجميع معايير المصلحة الوطنية الممتعضة من مبدأ “غطيلي واغطيلك”.
انتهى ..
خارج النص / لايمكن اتباع “نظرية القضم” لما تبقى من عمر الدورة النيابية الحالية.