بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا : بلا شك ان عودة المجتمع إلى القبلية هو بسبب ضعف الدولة ومن ثم ضعف المنظومة القانونية التي تبدأ بمركز الشرطة صعودا لوزارة الداخلية والأجهزة الامنية ووصولا لمكتب رئيس الحكومة والقائد العام . لأن المواطن ميّال الركون إلى الجهة التي توفر له غطاء الأمان والطمأنينة وحتى وان كانت غير الدولة.فعلى سبيل المثال :- هذا ما جعل معظم مواطني المناطق السنية تهرول إلى تنظيمات داعش الارهابي ظناً منها سوف توفر لها الأمان من المستهترين والطائفيين والجهات التي تستغل نفوذها وسلطتها للبطش و تعمل تحت راية الدولة في تلك المناطق !
ثانيا : كنا نسمع ونقرأ عبارة ” الناس على دين ملوكها ” ولكننا لم نفهمها ولم نستشعر بها حتى رحل نظام صدام حسين الذي كان حازما بتنفيذ القانون، وحازما بردع اي قوة وأي سلطة تحاول اخذ دور القانون والدولة.. وجاء نظام الحكومات التي كان يسلقها ولازل مطبخ الاحتلال وايران ودول اخرى تكره العراق.. وعندما كل حزب ومجموعة سياسية ودينية ذهبت باتجاه تأسيس الجيوش الخاصة والمليشيات الخاصة والخلايا السرية الخاصة والحمايات الخاصة فوجد نفسه المواطن وسط دولة المليشيات والعصابات والأحزاب والعائلات السياسية والدينية فصار المواطن ينظر للدولة ومؤسساتها بعدم الثقة بها خصوصا عندما اصبحت الدولة تخاف من مليشيات وجيوش وسطوة الاحزاب والجماعات والعائلات السياسية والدينية.. فلم يجد المواطن بديلا لتوفير الأمن غير اللجوء إلى العشيرة ومن هنا ( تفاعلت العادات العشائرية ومنها الدگة العشائرية لاسترداد الحق المغتصب )
ثالثا : وبالتالي نتعجب من رد فعل الدولة ضد الناس التي تمارس الدگة العشائرية. فأين كانت الدولة من انحدار المجتمع نحو الفوضى واللادولة ؟ واين الدولة من العصابات والمليشيات وجيوش الاحزاب والعائلات السياسية والدينية المهيمنة على الدولة والمجتمع والشارع واصبحت دولة اقوى من الدولة الرسمية ؟ واين القانون الذي يفترض تطبيقه على الجميع ؟ ولماذا يُطبق القانون ضد المواطن الفقير وضد المواطن الذي لا سند له ؟ ……وهنا نحن لا ندعم ولا نشجع ( الدگة العشائرية ) ونعتبرها معيبة في دولة ومجتمع يعيش في القرن الواحد والعشرين ،وفي دولة تدعي النظام الديموقراطي !
رابعا : فتطبيق القانون هو قرار دولة يفترض تطبقه مؤسسات امنية وشرطية وقضائية معروفة واحدها تساند الأخرى ( ولكن الموجود ان هناك تفاوت بعمل تلك المؤسسات وهناك خرق لعملها من قبل منظومات الفساد والطابور الخامس ) وبالتالي تذبذب عملها ولم يعد يقنع المواطن العراقي …فسارع المواطن باللجوء للعشيرة وللمليشيا ولجهات اخرى غير جهة الدولة لإعادة حقة من جهةٍ وبقائه سالما هو وممتلكاته ..ومن هذه الوسائل استعمال سلاح ( الدگة العشائرية )
الخلاصة :
فالقضية لا تعالج بحملات ردع ضد من يستعمل الدگة العشائرية. بل تعالج بدراسة اصل المشكلة وادوات تنميتها وأسبابها ومن ثم وضع الحلول الناجعة لمنعها او استئصالها … فالحكومة والدولة عالجت حالة واحدة في ( الدگة العشائرية ) وهي مظاهر السلاح ولم تعالج الامور الاخرى واهمها عدم احترام الدولة والقانون والمجتمع ( بدليل اصبح البعض يمارسون الدگة بلا سلاح ولكنه نفس الترهيب للمعني وجيرانه ونفس الترهيب للمجتمع ونفس الاهانة للقانون والدولة ) !
١٩ ايار ٢٠٢٤