بقلم: كمال فتاح حيدر ..
خاض الجيش المصري أشرس معاركه الدامية في السنوات القليلة الماضية ضد الصيادين الفلسطينيين، الذين ربما جرفت قواربهم التيارات والرياح نحو المياه الإقليمية في سيناء، فكان مصيرهم الموت بنيران خفر السواحل في الحقبة البلحية. فقد قتل البلحيون شقيقين من أسرة واحدة، واعتقلوا الثالث بذريعة التطاول على السيادة المصرية. فظهر الصرصار (أحمق جاموسة) على التلفاز بتصريح يستعرض فيه رجولته المصطنعة لتبرير قتل الصيادين، قال فيه: (اللي يقرب من حدودنا بيتفرم. واللي يجرب يقرب مش هيرجع، ورجالتنا صاحية). لكن هذا الصرصار لم ينبس ببنت شفة لما قتل الصهاينة جنودهم في رفح ليلة امس. ولم تطلق مصر رصاصة واحدة ضد جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا. ربما لأن الجيش البلحي ألقى سلاحه وانشغل بإنتاج البسكوت والبيتي فور والكفتة والفول المدمس. وربما هو الذي تواطأ معهم. والدليل على ذلك ان جنود السيسي كانوا يقفون على مسافة قريبة جدا من المحرقة التي أضرمها النتنياهو في خيام الفلسطينيين خلف السياج الذي أقامه شيخ المشايخ العرجونية. .
كانت النيران تتصاعد أمام أعين ومسامع جنود البسكوت المسمسم، فخيّم عليهم الصمت المطبق، كانوا متسامحين جدا جدا مع مرتكبي محرقة الهولوكوست الثانية التي وقعت في مكان مرتفع من منطقة تل السلطان بالقرب من الحدود المصرية وعلى حافة الحدود المصرية المستباحة. .
كانت قوات السيسي تسمع صراخ الاطفال، وتشم رائحة اجسادهم المشوية، من دون ان يكلفوا انفسهم مشقة إرسال عربة إطفاء واحدة لإخماد النيران. قيل إنهم منعوا التصوير بالهواتف الذكية حتى لا يفتضح امر أصدقاءهم في تل ابيب. ثم تكررت الحرائق البشرية بنيران صهيونية، وبعيون مصرية لا ترى ما يجري أمامها. وذلك بعد أيام من صدور أوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان على رفح، على الرغم من اسرائيل نفسها هي التي خصصت هذا الجزء كملاذ آمن للفلسطينيين. لكنها كانت تعد العدة لإحراقهم احياءً أمام أنظار الجيش المسمسم. فتناثرت جثث الأطفال برؤوسهم المقطوعة، واعادت إلى الأذهان الأكاذيب التي روجتها ماكناتهم الإعلامية للظهور بمظهر الضحية. .
العالم كله يشاهد بوضوح صور المحرقة. الأطفال هناك يفقدون حياتهم يوما بعد يوم. حتى الإعلامي البريطاني المتصهين (بيرس مورغان) الداعم الأكبر للنتنياهو خرج عن صمته بتصريح خطير. قال فيه: (المشاهد من رفح خلال الليل مروعة، لقد دافعت عن حق إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر، ولكن قتل هذا العدد الكبير من الأبرياء وهم يرتعدون في مخيم للاجئين أمر لا يمكن الدفاع عنه، فلتوقف هذا الآن يا نتنياهو). .
لن تسمع مثل هذا التصريح على لسان السيسي، أو على لسان ملك الأردن عبدالله الفاني، ولا على لسان (أبو الغائط) أعزكم الله. .
تتصرف اسرائيل هذه الأيام بحصانة دولية مدعومة من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والهند، ومدعومة ايضاً من مصر والأردن وربما من بلدان عربية وإسلامية أخرى. ناهيك عن الدعم المالي والحربي والسياسي والإعلامي، الأمر الذي يساعدها على الإفلات من العقاب ومن الإدانة. .
يتوجه سوناك إلى تل ابيب ليبلغ نتنياهو برسالة مشفرة: (نريدك ان تفوز)، ويقرل لهم السيسي: (أمننا من أمنكم، وأمنكم من أمننا). ويصب محمود عباس جام غضبه على المقاومة ولا يريد لها الثبات في مواجهة الطغاة. . .