بقلم : كلثوم الجوراني ..
استلمني بكلتي يديه ينهشني نهشاً وكأنني فريسة بيده وعيناه جاحظتين من الغضب
الام بني ستتحسن الظروف واطبخ لك طعاما لذيذا غير الخبز
تناول ابريق الماء يشرب وقطرات الماء تتساقط من جانبي فمه وكأنه مخبول انتهى من اكلي ومازال يجلس على المائدة يحدق بها وخياله يرسم له اواني الطعام المزخرفة المليئة بأصناف الطعام
_الام لا عليك بني هيا اذهب الى سريرك واسرح قليلا فلربما تتحسن الظروف .
كانت تتكلم معه وكأنه قطعة أثاث لا يسمع ولا يرى كل ما يراه هو الفقر الذي يحوط بيتهم من كل جانب ، منذ أيام والام العجوز لا تملك إلا القليل من الدقيق وقد نفذ السمن والسكر وكل شيء من مطبخها ونفذت النقود القليلة التي كانت بحوزتها
كان الابن يخرج كل يوم باحثا عن عمل يليق به كشاب وسيم ، احيانا يجد بعض الأعمال ولكنه يرى أن هذه الأعمال تهين كرامته فيبحث عن عمل يكسب منه المال شريطة أن لا يكون ذلك العمل موضع ازدراء المجتمع ،ومثل كل يوم يعود مساءا بالخيبة لا عمل ولا أموال ليجد أن أمه قد أعدت له رغيف الخبز ذاته ، يكاد يقتله الملل والضجر ولكن ماذا يفعل لا يوجد إلا هذا الرغيف مر اسبوع على هذا الحال وها هو يواجه الرغيف الاخير ليقضي عليه وكأنه عدو لدود
خرج عند الصباح وكالعادة لم يجد ما يناسبه من عمل وعاد مساءا لبيته المتواضع وكانت أمه بإنتظاره ولكن هذه المرة لا رغيف على المائدة جلس يتفحص المائدة الخاوية وعيناه تكاد اتخرجا من محجريهما ثم نهض متوجها إلى سريره
غط بنوم عميق رغم جوعه وعند الصباح نهض وتوجه نحو المدينة يبحث عن عمل ولكن هذه المرة كان بحثه مختلف قليلا هو يبحث عن أي عمل يتقاضى جزاءه ثمن رغيف خبز وليس شرطا أن يكون عملا يليق به وما أن دخل المدينة حتى التقى بصاحب متجر يبدو أنه بحاجة لعامل يساعده في متجره فسأله الشاب هل اذا كان محتاج لمن يساعده أو لا فرد العجوز وكأنه كان ينتظره بلهفة أجل يا بني أنا بحاجة لمن يساعدني وابحث عن مساعد ولكن لا احد يقبل بما اعطيه من أجرة فأنا لا ادفع الكثير لأن متجري الصغير لا سيخسر لو دفعت لهم ما يريدون فسأله عن الاجر وحين اجابه وجد أن ذلك الاجر سيعود عليه برغيفين من الخبز وتبقى بقية كاد يطير فرحاً ثم باشر العمل بكل همة وسعادة وعند المساء عاد إلى أمه يحمل رغيفين اشتراهما من عمله وضع الرغيفين على المائدة واخذ ينظر إليهما وكأنه ينظر إلى كنز أماه استطيع ان اشتري كل يوم رغيفين من الخبز وهذه هي البقية من اجرتي يمكن لنا أن نجمعها فنشتري السمن والسكر وغيرهما ،
نام تلك الليلة وكأن الرغيف الذي اكله يختلف عن تلك الارغفة البائسة التي كانت تعدها له أمه من دقيق يتناقص شيئا فشيئا
فهو الآن يستطيع أن يأكل ويطعم امه ويجمع القليل من المال يالها من سعادة وياله من رغيف لذيذ