بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لم يكن هذا المثلث شعارا للمقاومة الفلسطينية في غزة، وليس له أي دلالات عربية أو جهادية أو حربية أو دينية أو تنظيمية. ظهر لأول مرة في فيديوهات كتائب القسام وكان مجرد علامة وقع عليها الاختيار لتنبيه المشاهد الى الآليات والمواقع الاسرائيلية التي اصابتها بنادق المقاومة. وبالتالي فان هذا المثلث كان اشبه برأس السهم الذي يستخدمه عامة الناس في وسائل الايضاح للاشارة الى النقاط المطلوب التركيز عليها. وربما اختاروا اللون الاحمر للتعبير عن الخطر المحدق بتلك الآليات المستهدفة، ومع استمرار الحرب على غزة واصلت المقاومة استخدامه فلفتت الانتباه إلى الأهداف التي وقعت في المصيدة. .
لكن هذا المثلث تسبب في تفشي الرعب في قلوب الخياليم بعد مقتل اكثر من 1800 ضابط وجندي من وحداتهم المسلحة، وبعد سقوط اكثر من 12000 جريح منهم، ووقوع اكثر من 120 في الأسر، وإصابة اكثر من 1400 آلية، حتى اصبح هذا المثلث رمزا للقوة والشجاعة والنصر والصمود، وعنواناً للاشتباكات من المسافة صفر، وفسّره بعضهم بانه: مثلث برمودا، وربطه الكثيرون بالمثلث الموجود على العلم الفلسطيني. وهكذا توحدت كل التشبيهات التي جعلت منه رمزا للكرامة والثبات على الحق. وجعلت منه قاعدة صلبة يقف عليها كل مناضل يحمل راية التحرير، حتى بات يغزو مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، ورفعه المتظاهرون في كل مكان للاحتجاج على حملات الإبادة الجماعية. .
اللافت للنظر ان جيش الاحتلال هو الذي وضع هذا المثلث على فيديوهات توّعدَ فيها المقاومة في غزة، بمعنى ان هذا المثلث ازعجهم، ودمر أعصابهم، وضربهم في العمق، ثم جاءت القرارات الألمانية التي تضمنت تحريم وتجريم استخدامه في العلامات المرورية، وفي البيانات الإرشادية، وفي سيارات الإسعاف، وفي التظاهرات السلمية، وهذا مربط الفرس. فقد صوّت البرلمان الألماني لصالح حظر استخدام المثلث الأحمر مع فرض عقوبات على مستخدميه، ونص قرار الحظر على ان أيقونة السهم الأحمر تمثل تهديدا مباشرا للسامية، بينما انتقدت المعارضة الألمانية هذا القرار، وقالت: انه تجاوز الحدود. وشككت في قانونية ودستورية هذا النوع من التشريعات المثيرة للسخرية. واتهمت الحكومة بانها وضعت القيود على التظاهرات الداعمة لفلسطين، وهي بطبيعة الحال قيود مغلفة بمعاداة السامية والتحريض على العنف. .
ختاما: لا شك ان فرحتك بمشاهدة هذا المثلث الأحمر الصغير تعكس إنسانيتك ومواقفك النبيلة واهتماماتك بالانتصارات التي تحققها المقاومة. .