بقلم : نورهان شيراز ..
تعد مدينة كربلاء من اهم المدن الدينية التي يؤمها ملايين الزائرين من إرجاء المعمورة لما
لها من وقع في نفوس المسلمين خاصة بعد موقعة الطف واستشهاد الإمام الحسين عليه الإسلام وأهله وما للروضتين الحسينية والعباسية من مكانة نسلط الضوء على كربلاء
كربلاء
تقع كربلاء على بعد 105كم تقريبا إلى الجنوب الغربي من بغداد وتقوم على نهر الحسينية المتفرع من الفرات في مقدمة سدة الهندية و تشير المصادر الاثريه ان كربلاء مدينه موغلة في القدم إذ وردت في الكتابات المسمارية بصيغة كربلاتا وتشير التنقيبات الاثرية الى انه تم اكتشاف مستوطنات ترجع الى العهود البابلية الحديثة
ويشير الكرملي في مجلة لغة العرب ان اسم كربلاء (كرب – ايلو) اي حرم الاله على غرار (باب – ايلو) باب الاله بالاشاره الى بابل اما ياقوت الحموي فيذكر انها مشتقه من الكربلة اي الارض الرخوه ولهذه المدينة عدة تسميات منها الغاضريات والعقر والطف واطلق عليها كذلك اسم نينوى بعد سقوط الدولة الأشورية
سنة 612 ق م
وكربلاء
من المدن الإسلامية المقدسة اذ اقترن اسمها بواقعة الطف التي استشهد فيها الإمام الحسين عليه السلام في يوم الجمعة العاشر من محرم سنة 61 للهجرة – 680 للميلاد أيام الأموي يزيد للأول وقد ورد هذه المدينة الحسين مع أهله في يوم الخميس اليوم الثاني من محرم وبذلك أصبحت هذه المدينة من أعظم المدن الإسلامية حيث شهدت أعظم حادثة مؤلمة ومأساة عرفتها البشرية في تاريخ الإنسانية
لم تكن كربلاء في القرن الأول الهجري عامره مع ماكان في نفس العلويين وشيعتهم من شوق ولهفه في مجاورة قبر الحسين والعباس عليهما السلام فلم يتمكنوا من أقامة العمران هناك خوفا من بطش بني أمية
إلا أن هذه المدينة أحذت بالتقدم والعمران إبان الخلافة العباسية ودفن الموتى هناك رغم بطش بعض خلفاء بني العباس أمثال الرشيد والمتوكل
في سنة247للهجرة أمر المتوكل بهدم قبر الحسين عليه السلام وما حوله من منازل وأمر بزراعة المنطقة ومنع الناس من الزيارة إلا أن المنتصر الذي خلف أباه أمر ببناء القبر واهتم بعمارات المشاهد وعدل عن سياسة أبيه المناؤة للعلويين
ومن هنا بدا العلويين وشيعتهم يتوافدون لزيارة القبر , والسكن في هذه البقعة المقدسة التي تظم رفات شهداء معركة الطف
ويذكر السيد محي الدين ألعاملي في كتابه أعيان الشيعة (فاخذ العلو يون والمسلمون يتوافدون إلى كربلاء ويعمرونها وكان أول علوي سكنها هو إبراهيم المجاب حفيد الإمام موسى ابن جعفر عليه السلام وقد وردها سنة 247 للهجرة واتخذت الدور عند رمسه وقامت القصور والأسواق حوله ولم يمض قرن من الزمان إلا وحول قبره الشريف مدينة صغيرة بها آلاف الناس )
وفي العهد البويهي زارها عضد الدولة ابن بويه سنة 370للهجرة وكانت كربلاء مدينة عامرة بالسكان وأمر بتعمير ضريحي الحسين وأخيه العباس عليهما السلام
الروضة الحسينية
شهدت الروضة الحسينية عدة تطورات عمرانية منذ أن شيدت واهم التطورات العمرانية كانت في زمن الخليفة العباسي المأمون ثم تولى عدد من السلاطين ترميمها وأعمارها
تتألف الروضة الحسينية من صحن مستطيل الشكل يصل اليه بواسطة عشرة أبواب ولكل منها عقد وطوق مزدانة بالفسيفساء ذات زخارف نباتية وهندسية ملونة يحيط بالصحن 65 إيوانا يفضي كل منها الى حجرات خصصت لطلاب العلوم الدينية زينت واجهات وبواطن هذه الاواوين بزخارف من الفسيفساء
تتوسط الصحن الحضرة المقدسة تعلوها قبة كبيرة شاهقة طليت من قاعدتها إلى أعلاها بالذهب
ويحيط بهذه القبة عند كتفها 12 نافذة للإنارة الطبيعية وترتفع على جانبيها مئذنتان شاهقتان مكسوتان بالذهب الخالص تتجلى فيها الريازة العربية الإسلامية يتقدم واجهة الحضرة من جهة القبلة إيوان كبير يعد من التحف الفنية الفريدة فواجهته مطلية بالذهب وسقفه مزدان بالفسيفساء ومطعم بالذهب بزخارف عربية إسلامية في غاية الدقة
وللحضرة عدة أبواب من الذهب والفضة تفضي إلى رواق يحيط بالحرم مزين بالمرايا والزخارف الهندسية وله سبعة أبواب تؤدي الى الحرم الذي يظم رفاة الحسين عليه السلام ووضع على الضريح صندوق من الرخام المطعم بالمينا والعاج يحيط به صندوق من الزجاج ثم يحيط بذلك شباك من الفضة والمطعم بالذهب والمينا وقد جدد الشباك وصنع القسم العلوي منه بالذهب
الروضة العباسية
تقوم إلى شمال الروضة الحسينية بمسافة 350م وهي على غرار الروضة الحسينية تتالف من صحن فسيح يحيط بة مجموعة من الاواوين والحجر الصغيرة وله ثمانية أبواب وفي وسط الصحن تقوم الروضة العباسية وتعلوها قيه ذهبية ضخمة ازدانت عند قاعدتها بآيات القران الكريم وزخارف مطعمة بالمينا وعلى جانبيها ماذنتان شاهقتان مزدانتان حتى حوضيهما بالقاشاني الملون وبزخارف عربية إسلامية فريدة اما القسم العلوي الذي يعلو حوض كل مئذنة فكسي بالذهب الخالص اما التفاصيل التخطيطية والمعمارية لهذه الحضرة فهي مشابهه للروضة الحسينية
وقد قامت الهيئة العامة للآثار والتراث بالمساهمة والإشراف في أعمال صيانة قبة الحضرة العباسية
ولان تظم هاتين الروضتين متحف الكفيل وهو يظم قطع أثرية وتراثية نادرة من مقتنيات هاتين الروضتين والتي تعد غاية في الإبداع من حيث طريقة العرض والصيانة التي أجريت للمقتنيات.