بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كلنا سمعنا بالشاب اليهودي (توماس ماثيو كروكس) الذي أطلق نيران بندقيته على دونالد ترامب في ولاية بنسلفينيا. فقتلته الشرطة الفيدرالية وهو بعمر العشرين. .
كان توماس يعيش مع أسرته اليهودية في ضاحية بيثيل بارك على بعد 57 كم من موقع تجمع ترامب. .
إلى هنا انتهى المشهد الاول من الحادث، وسوف نتابع بقية المشاهد بعد اكتمال التحقيق وإجراءاته الروتينية المعتادة. ونحمد الله ان الجاني لم يكن عربيا ولا مسلما، وإلا فإن ردود الأفعال الأمريكية سوف تكون عنيفة ومزلزلة وشاملة، وقد تنذر بتداعيات خطيرة لا تخطر على البال داخل الولايات المتحدة وخارجها. .
ويحق لنا ان نتساءل مرة اخرى فنقول: ماذا لو كان توماس عربيا ؟، وماذا لو أقدم على فعلته تلك في احدى مدننا لاغتيال رئيس عربي في حشد جماهيري كبير ؟. اغلب الظن ان القوات المسلحة وغير المسلحة سوف تعلن استنفارها في عموم البلاد، وتستدعي تشكيلاتها البرية والجوية والبحرية للبحث عن أمه وأبيه وزوجته وأخيه وعشيرته التي تؤويه. تأتي بهم مكبلين بالأصفاد، وتمارس ضدهم ابشع أساليب التعذيب لانتزاع الاعترافات عن علاقاتهم بالطابور الخامس والسادس والسابع عشر، ثم تتوجه للبحث عن أصدقاءه وجيرانه، والطلاب الذين رافقوا مسيرته التعليمية في كل المراحل الدراسية من الابتدائية إلى الجامعية. وتشن الصحف المحلية حملاتها المتزامنة مع مواقع التواصل لتنسج من خيالها روايات بوليسية عن ارتباطات اجداد الجاني بعصابات تهريب المخدرات وطباعة العملة المزورة. ولن تتوقف الاتهامات والمداهمات والاعتقالات حتى لو مات الجاني وجميع أفراد أسرته. وربما تقرر الدولة إعفاء مدراء الأجهزة الامنية من مناصبهم بذريعة الفشل والعجز. وتصبح محاولة الاغتيال هي الشغل الشاغل للصغار والكبار. .
ثم تأتي فرق التحري عن المتفجرات، فتزعم انها عثرت في البيت على كميات هائلة من العبوات والأحزمة الناسفة، ومخازن ممتلئة بالأسلحة والذخيرة، وكتب ومنشورات ممنوعة، تأتي بعدها البلدوزرات لتهدم البيت نفسه وتحوله إلى ركام. بينما تنشغل محطات الصوت الواحد بقراءة برقيات التهنئة بنجاة السيد الرئيس، فيقولون لنا: انه كان يصوم الاثنين والخميس، ويعتمر في كل فصل من الفصول الأربعة، ولولا زهده ونزاهته وتقواه لما استطاع النجاة من الاطلاقات التي سددها توماس العربي. .