بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حدثنا الراحل (احمد الچلبي) في تقرير مصور، نُشر قبل 14 سنة. قال فيه: (لم يحصل فساد في تاريخ العالم مثلما حصل عندنا في السنوات الماضيات، فالمبالغ التي اُهدرت كانت أسطورية، حتى بلغ العجز نهاية 2010 في الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية وحدها 2 ترليون، و 628 مليار دينار، ما يساوي مليارين وربع مليار دولار. ما يكفي لبناء مدينة مؤلفة من 50000 دار حديثة مؤثثة بشوارعها ومحطاتها الخدمية. وكل القصة وما فيها ان وزارة التجارة استوردت 1286000 طن من زيت الطعام سنة 2008، بسعر 2400 دولار للطن الواحد، بينما كانت حاجة العراق في تلك السنة 473000 طن فقط). .
كل الذين دخلوا مغارة علي بابا أبرياء يا صديقي إلا أنت. .
أنت الوحيد الذي ستبقى متهماً ومداناً في أعينهم، وفي أعين معظم الناس الذين تعيش معهم. اما الذين ينتقدهم بعض اعضاء البرلمان (والبعض هنا تعني القلة القليلة جدا منهم)، والذين تتحدث عنهم الفضائيات، وتكتب عنهم بعض الصحف (والبعض هنا تعني القلة القليلة جدا جدا)، فلن يحاسبهم أحد، لأنهم مدعومون بقوة من الاحزاب المتنفذة، وهي بطبيعة الحال احزاب تلبس جلباب الإصلاح وتحمل صولجان الورع والتقوى على الرغم من تناقض شعاراتهم مع واقعنا المؤلم. .
في مغارة علي بابا تتكدس المسروقات من كل الأصناف والأحجام والأوزان والأثمان. فالمغارة اشبه بمتحف يزدحم بالمنهوبات، أو اشبه بسفينة من سفن القرصان الأحمر. .
لا تندهش عندما يُحرم الإعلامي البصراوي (عبدالحسين عبدالرزاق عجيل) من استحقاقاته في الحصول على قطعة ارض أسوة بذوي الشهداء، بينما يحصل احمد ملا طلال على 4000 دونم في أخصب المناطق الزراعية. ولا تستغرب عندما ترى النائب ياسر الحسيني ينحت في الصخر من اجل استجواب موظف مسنود بقوة من الأطراف كلها، ولا تتعجب عندما ترى شيخ اللصوص والحرامية يتنقل من عاصمة إلى عاصمة بطائراته الخاصة. .
فكل ما تراه هو عبارة عن مشاهد تمثيلية يراد منها التمويه والتضليل وإشغال عامة الناس بالحديث عن مافيات المغارة وعصاباتها المتورطة بالصفقات المشبوهة. .
في عام 2015 كان احد الوزراء مهددا بالاستجواب تحت قبة البرلمان وسحب الثقة، لكنه كان شديد الدهاء، فاتصل هاتفيا بالوزير السابق المعروف بنفوذه العظيم. ودار بينهما هذا الحوار:
- عذرا معاليك سوف اذهب غدا إلى البرلمان. .
- اعلم ذلك. .
- ما الذي سأقوله لهم لو سألوني عن مصير المبالغ الهائلة التي استلمتها انت ودخلت في ذمتك ؟. .
- تمام. دعني اجري اتصالاتي. .
- في امان الله. .
- في امان الله. .
بعد قليل رن جرس التلفون وكان المتصل من اللجنة النيابية. فأبلغوه بإلغاء الاستجواب. .
معظمهم هكذا يا ابن عمي، فحرامي الهوش يعرف حرامي الدواب. اما انت فسوف تقاتل وحدك لأنك لا تنتمي اليهم ولست من طينتهم. .