بقلم : د. سمير عبيد ..
اولا : لابد أن يعرف الجميع ان الصراع الدولي المحتدم الآن هو على تقسيم نفوذ العالم من جديد. وطبعا لابد من رسم خارطة منطقتنا ” منطقة الشرق الأوسط” من جديد .ولهذا صعدت الصين وروسيا ليكونا لاعبين كبار في العالم الجديد. فجعلتا ايران رأس الحربة لمحورهما وليس لسواد عيون ايران أو اعجاباً بعمائم شيعة ايران .ولكن لأنه ( إذا سقطت إيران لصالح التحالف الاميركي الغربي الإسرائيلي سوف تتداعى الدول والجغرافية السياسية والاقتصادية والديموغرافية التي خلف ايران،وسوف يصل الحلف الغربي وأمريكا على تخوم روسيا والصين خصوصا عندما نجحت واشنطن بتغيير النظام في باكستان واخيرًا في بنغلادش).ولحقت بروسيا والصين وايران كوريا الشمالية. وان زيارة الرئيس الروسي بوتين الأخيرة إلى أذربيجان هي بدافع الخوف الإيراني الروسي لتوجيه السؤال التالي إلى القيادة في أذربيجان وهو ” هل انتم مع الحلف الغربي الاسرائيلي التركي أم لازلتم مع الجغرافية السوفيتية القديمة؟ وهل انتم معنا ام محايدين ام معهم ؟ ، ولقد اسمع بوتين تهديدات واضحة لهم ان لا يفتحوا جبهة ضد ايران ،وان لا يسمحو بتمدد الحلف الغربي الاميركي من خلال اذربيجان بحجة دول القومية التركية “.والآن توضح لكم المشهد اليس كذلك ؟
ثانيا :- نأتي إلى التصعيد الاميركي الغربي الإسرائيلي المحموم في منطقة الشرق الأوسط والذي سببه هو تحديد حدود المرحلة الجيوسياسية والاقتصادية الاولى والتي تبدأ من خليج عدن والمياه الدولية التي تشمل ” مضيق هرمز” نحو منطقة الخليج ودول الخليج امتداداً لبحر العرب فباب المندب فالبحر الأحمر صعودا لدول شمال أفريقيا مصر والسودان .. الخ ومن هناك إسقاطاً على منطقة غزة التي تدور فيها الحرب منذ 11 شهرا (لأن غزة الجغرافية الوحيدة والمتبقية من الإسلام السياسي السني الذي أسقطوه في دول المغرب العربي وشمال أفريقيا) وبالتالي لابد من انهاء الفكر الاخواني الأرهابي حسب قناعات أمريكا والغرب وأسرائيل والدول العربية المعتدلة .هذه المنطقة التي اشرنا لها من خليج عدن حتى البحر الأحمر فمصر وصولا إلى غزة يراد لها ان تكون شبه مقفلة لصالح الولايات المتحدة والدول الاوربية ” الغرب” وإسرائيل .. الخ .
ثالثا:-والسؤال:- أين “الأورام او الخلايا الارهابية”التي يراد استئصالها من هذه المنطقة التي اشرنا بها حسب رؤية واشنطن والغرب واسرائيل ؟
الجواب : هي “حزب الله ، الحشد والفصائل المسلحة في العراق ، والحوثيين في اليمن”(اما سوريا فجنح النظام إلى جهة الغرب وواشنطن تدريجيا وبشروط النظام وهي الإعمار واعادة الجغرافية السورية بلا خلايا ارهابية ، وقبول سوريا في المجتمع الدولي ،وإسقاط العقوبات )
والسؤال الآخر : من هي الام المرضعة – ان صح التعبير ” والاب الموجه إلى الجهات الثلاثة التي تعتقدها واشنطن والغرب هي ( أورام او خلايا أرهابية و يجب ازالتها من منطقة نفوذ المحور الاميركي والغربي ) ؟
الجواب:الاب الموجه والام المرضعة هي إيران وهذا ما تؤكد عليه أمريكا وإسرائيل والغرب والدول العربية المعتدلة .وبالتالي فأن وافقت إيران على شروط واشنطن والاوربيين التي سمعتها قبل شهرين في فيينا ونيويورك فسوف تعالج تلك الأورام وتنسحب إيران من العراق مقابل امتيازات معينة .وعكس ذلك على ايران تحمل ما هو موضوع حديثاً على الطاولة الاميركية والغربية وأوله ( اخذ العراق من ايران بالقوة ، واوراق اخرى ومنها ملف مضيق هرمز الذي سوف يسخن بقوة .. الخ)
رابعا:-ايران كانت تعيش النشوة والخيلاء بسبب قناعاتها انها سلبت القضية الفلسطينية من الدول العربية والاسلامية جميعا من خلال اللاعب ( حركة حماس الاخوانية ) واصبحت بيدها ورقة مهمة للغاية وهي ورقة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي . ولكن جاء اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنيّة في ادق مربع داخل طهران من حيث الامان والسرية والتحكم جاء لينسف ذلك الخيلاء الذي كانت تشعر به إيران. وكانت رسالة مهمة وخطيرة إلى إيران مفادها ( اليكم بعض الوقت لتفكروا وتأخذوا قراركم بقبول الشروط .. و قبل ان نصل إلى اهداف اكثر اهمية وحتى الوصول إلى الهرم الإيراني وهو المرشد السيد الخامنئي ).وحتى عندما وافق الغرب وأمريكا ان يكون ” يحيى السنوار ” زعيما لحركة حماس خلف إسماعيل هنيّة كان بمثابة رسالة مفادها هذه هي ( الديّة عن هنيّة وعن الجنرال سليماني .. وتشجيع إيران على اتخاذ مواقف اكثر مرونه) خصوصا بعد امتلاء البحار والقواعد حول ايران ومنطقة الشرق الأوسط بالسلاح الفتاك والصواريخ والقنابل الفتاكة … الخ !
خامسا :-هناك حقيقة أصبحت ثابتة وهي ان ( الإسلام السياسي في المشرق العربي ) خلاص انتهى مفعولة ” الاكسباير” وعلى طريقة انتهاء الإسلام السياسي في دول المغرب العربي . وان من يمثل الإسلام السياسي في المشرق العربي هو ” الإسلام السياسي الشيعي في العراق ، ولبنان ، واليمن/ كحركات سياسية حاكمة وحركات مقاومة ومسلحة” ومرجعيته ايران. وطلبوا من إيران في فيينا ونيويورك رفع يدها عن تلك الحركات السياسية وتلك الحركات المقاومة التي تحمل السلاح. وبعكسه سوف تكون هناك تداعيات خطيرة وثقيلة على ايران خصوصا بعد التهاء الروس وبوتين بمصائبهم الجديدة في كورسك وغيرها !
سادسا:- وبالتالي فأن حلفاء إيران في العراق يلعبون في الوقت الضائع. وانهم يكابرون بطريقة أضحكت العالم (بلدهم في خطر وشعبهم يغلي والمنطقة ذاهبة نحو الانفجار وهم يتصارعون على المنافع والكراسي ) . ويمارسون القفز بالهواء مثل البالونات التي تنتظر عاصفة لتجرفها بعيدا او سوف تُفجر بالشظايا والأظافر. فلعبة المصالح الجديدة في المنطقة والعراق قررت انهاء الفوضى السياسية والادارية والاخلاقية التي استمرت 21 سنة في العراق برعاية طبقة سياسية لم تقدم للعراقيين غير الويلات والمصائب والأزمات وتراجع الدولة واستنزاف خزينة الدولة لصالح دول وجهات خارجية ،ولصالح جهات داخلية مارست اسلوب ودور المافيا في العراق !
سمير عبيد
26 اب 2024