بقلم : حسين الذكر ..
في ظل هيمنت الانترنيت التي ساهمت بصناعة الانحطاط والتبعية والتعمية بشكل أوسع مما كانت عليه سابقا زادت نسبة الامية بشكل يتناسب طرديا مع الابتعاد عن القراءة في ظل انحسار منابع الوعي التي أصابها عقم الالفية الثالثة بعد سيادة لهو التقنيات الذي ستغرقنا فيه حد الغرق والاستسلام التام للسياسات الخارجية المعدة سلفا.
بعد طبع أي من كتبي على حسابي او بمساعدة بعض الأصدقاء نتعب كما غيري من الكتاب والمؤلفين نعاني من تسويق الكتب وبيعها اذ غدت عملية تجارة خاسرة بل مذلة في بعض مفاصلها .. وقد أصدرت كتابي الجديد ( السواتر المفتوحة ) .. في ظل هيمنة الواقع الثقافي العقيم والمرير وذهبت الى المتنبي ذلك السوق الذي ما زال يعد مركزا ومنبرا وملتقى لحرية التعبير والخوض بجمالات متعددة هي افضل مما تبقى في سلم أولويات الموجود . محاولا إيجاد منفذا تسويقيا لكتابي .. فوجدت مصادفة صديقي العزيز ( نصيف فلك ) جالس مع مجموعة من المثقفين عند احد دور النشر و( فلك ) هذا مفكر واديب وصحفي ولد من مخاض رحم المجتمع تعرفت عليه بداية التسعينات وكان توا خارج من السجن بعد ان حكم بالاعدام ثم خفف الى المؤبد ثم اطلق سراحه بمكرمة . وظل يعمل بالادب والثقافة والتاليف والاصدار كما يحب ويحترف بل ويعتقد .. ولم اره منذ سنتين تقريبا .
فسالته اين انت يارجل .. ؟ .. ففاجئني قائلا : ( اعتزلت كل شيء سيما الكتابة ) .. لم استرسل معه عن الأسباب .. فتذكرت سؤال احد الأصدقاء عن حالي فقلت له : ( كنا ندعو الله قبل 2003 للتخلص من النظام .. اما الان فاصبحنا ندعوا للخلاص من اللانظام ) .. فقد عمت الفوضى وسادت في الشارع والمؤسسة حتى غدت سلوك تعبيري للكثيرين بشكل تلقائي .
كتبت تغريدة عن صرف المليارات سنويا بعنوان النظافة .. معززة بقرارات وتعليمات حكومية وتعيين الاف موظفي النظافة الا انه ما زالت المخلفات والازبال تتكدس بشوارعنا وساحاتنا وتنشر الامراض . وقد فوجئت برد احدهم قائلا : ( ان النظافة مسؤولية الشعب وضرب مثلا في اوربا التي قال انه يسكنها ويعيش بها ) .. فقلت له : ( نحن نتحدث عن بيئتنا ومجتمعنا لا اوربا التي غدت شعوبهم نظيفة وفقا لسياسات حكومية استراتيجية بعيدة المدى حتى ترسخت لتصبح حالة طبيعية تعد ثقافة عامة للحكومة والشعب .. بمعنى ان النظافة مسؤولية حكومية كما هي مسؤولية الجهات الروحية التي ينبغي ان تربي الشعب عليها قسرا ولاجيال متعددة حتى تغدو النظافة جزء من تكوينه وثقافته ومخرجاته التي لا يستطيع التخلي عنها ) .
ثم نشرت تغريدة عن أهمية الرياضة ودعمها .. فرد احدهم معلقا : ( ان الرياضة ليس وقتها .. وبدل صرف المليارات على الرياضة دعونا نصرفها للشعب الجائع وبناء المساكن .. مضيفا – ان من لا يشعر بالمسلمين فليس منهم – ) .
فقلت له : ( الرياضة هوية ثقافية للشعوب في زمن العولمة بل تعد سلاح ناعم ومورد اقتصادي كبقية ملفات الحياة .. وحينما تسرق أموالها من قبل الفاسدين فهذا لا يعني ان الرياضة فاسدة .. كادعياء الدين والدين منهم براء .. وهذا لا يعني فساد الدين .. كذا حينما يفسد الكثير من المعلمين والمدرسين والأطباء .. فذلك لا يعني فساد التعليم والطب ) .