بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا: لنكن صريحين وشجعان بقول الحقيقة :-
أ:- إيران دعمت غزو العراق بقوة بشهادة القادة الاميركيين وبشهادة بعض القادة الإيرانيين ومنهم نائب الرئيس الايراني الأسبق محمد خاتمي وهو محمد علي ابطحي عندما قال ( لولا الدعم الإيراني للولايات المتحدة لِما نجحت باسقاط نظام طالبان في افغانستان، ونظام صدام في العراق ) . وهناك سوال مهم للغاية وهو :- من هو الذي نقل مشروع اللبننة البائس من لبنان نحو العراق عام ٢٠٠٣ اي بعد غزو العراق ؟ الجواب: نقلته إيران لكي تُكرس المشروع الطائفي في العراق مثلما كرّسته من قبل هي والسعودية في لبنان ليُسهّل لها التوغل في العراق والهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي والامني ومثلما فعلت في لبنان ونجحت بذلك .وطبعا كان هناك دور خفي إلى الكويت وتركيا وجهات اخرى على الخط بهدف اضعاف العراق .فصار لبنان والعراق وجهين لعملة واحدة .
ب:-واعطيكم مثال على ذلك ( حتى عندما شَغُرَ موقع الرئيس بلبنان ولفترة طويلة اخيرا ولازال … شغُرَ موقع رئيس البرلمان في العراق منذ فترة طويلة ولازال ) لكي تعرفوا المشروع البغيض الذي ضرب لبنان ثم نُقلَ نحو العراق وبالعكس فصار معروفا ان الذي يحصل في لبنان سوف يحصل في العراق وبالعكس ! … وبالمناسبة ان مافعلته ايران في العراق من تكريس للطائفية والمذهبية في العراق ومن ثم الهيمنة على السوق العراقي والاقتصاد من خلال تعطيل الزراعة والصناعة والكهرباء وتفكيك المعامل والمصانع ، وتهميش الصحة وتدمير التعليم والعمل على تكريس الطائفية التي هي ضد العروبة وضد الوحدة المذهبية و الإسلامية والمجتمعية ( شعر المحتل الذي يمثله كل من الولايات المتحدة وبريطانيا ومعهم إسرائيل بالارتياح لأن مافعلته إيران يتناغم مع المشروع التلمودي الصهيوني القديم ضد العراق ” بابل” / ولمن يريد معرفة ذلك فليقرأ عن استراتيجية المؤرخ الصهيوني برنارد لويس للعراق ولبنان وسوريا .. الخ ) …وهذا سر سكوت واشنطن ولندن عن إيران في العراق ولبنان وسوريا ” وصدق اوباما عندما قال إلى نتنياهو اخيرا : ماذا تفعل يا بيبي ويقصد نتنياهو :- ان ايران حليفتنا ولها دور بدعم توغلنا في افغانستان والعراق وبسط الامن في شمال اسرائيل لفترة طويلة”!
ثانيا :-جميعنا نعرف المنافسة والكراهية بين النظام الايراني من جهة والانظمة الخليجية والعربية من جهة اخرى ولأسباب تاريخيّة وطائفية ونفسية.والانظمة تلك تتمنى اسقاط النظام الإيراني وحتى لو جاء بدله الشيطان نفسه . وايران تتمنى هي ايضا اسقاط الانطمة الخليجية اولا والعربية ثانية ومجيء أنظمة تديرها وتؤثر عليها ايران لتمضي في مشروعها القومي الفارسي الذي يؤمن باحياء الإمبراطورية الفارسية. ومن هناك يشتغل نظام اردوغان في تركيا ايضا لإحياء الإمبراطورية العثمانية على حساب العرب والعراق ،ولذا يؤمن بالتمدد هو الآخر في المنظومة العربية بغطاء سني ” طائفي” !
ثالثا :-وعندما بدأت الحرب في غزة بين الجانب الفلسطيني / حركة حماس الاخوانية التي لها علاقات خاصة مع إيران من جهة واسرائيل من جهة اخرى في السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ سارعت ايران لتوحي انها الأب الروحي لحدث ٧ اكتوبر ضد اسرائيل واعطت إيعازها إلى حزب الله ” حليف ايران ” ليقوم في اليوم التالي ٨ اكتوبر بحرب الاستنزاف ضد إسرائيل تحت عنوان ” إسناد غزة” بهدف تكون هي اللاعب الوحيد في تلك الحرب فيتوسل لها الغرب وأمريكا ” هكذا خططت طهران” . وكانت إيران تراهن من وراء ذلك على خطف القضية الفلسطينية والاستيلاء عليها وتفريغ يد العرب والدول الإسلامية السنية منها تماما لتصبح ورقة استراتيجية لتناور بها. بحيث وعندما اغتيل زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وبحضن الحرس الثوري تم اختيار ” يحيى السنوار” رئيسا لحركة حماس بموافقة أميركية ومارست دولة قطر ضغط على زعماء حركة حماس بأمر أميركي ليدعموا اختيار السنوار المقرب من طهران ( وهي مجرد مغازلة بين واشنطن وطهران لكي تبقى إيران تمنع حزب الله من التوغل العسكري في شمال إسرائيل وتمنع اتساع الحرب ، وفي نفس الوقت لتوحي واشنطن لايران انها موافقة ان تكون القضية الفلسطينية بيد طهران وتفريغ يد العرب منها — وهنا وقعت طهران في الفخ — ) وبالفعل فعندما تطورت الاحداث استدارت اسرائيل بشكل سريع لتمارس حربا مركبة وخطيرة على حزب الله وحصل ماحصل من اغتيالات وقلب الطاولة على حزب الله ، واخيراً تم تصفية يحيى السنوار ،وهذا يعني تفريغ يد إيران من لبنان وغزة معا!
ثالثا: وكل ماورد أعلاه هو فصل من فصول لعبة ( المخاتلة ) بين طهران من جهة والعواصم الخليجية والعربية من جهة اخرى. فطهران حفرت حفرة وسقطت فيها” ان صح التعبير” عندما اعتقدت انها وجهت ضربة معنوية واستراتيجية للعرب عندما سلخت منهم القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت اعتقدت سوف تؤدب اسرائيل وتجعل نتنياهو يقف على ” تك رجل” امام بوابة النظام الايراني وينتظر املاءات طهران ،ومن هناك تقوم باذلال الخليجيين والعرب. ومن الجانب الآخر كانت وراء نتنياهو أمريكا وبريطانيا والغرب ودول خليجية وعربية ( وميزانيات ضخمة من المال واللوجست الخليجي لإسرائيل بهدف تقطيع اطراف الأخطبوط الأيراني وتحطيم مشروعها القومي والطائفي وإجبارها على الانكفاء الداخل الايراني بعد تقليم اظافر النظام الإيراني— وبالفعل قطعت شوطاً في ذلك — ) .
رابعا:-وبالمناسبه لو اتخذ العرب والخليجيون قرار مواجهة اسرائيل ايضا سنجد ايران تدعم إسرائيل وأمريكا والغرب سرا في هذه المعركة ومثلما فعلت بدعم غزو العراق وغزو افغانستان وهذه هي استراتيجية المخاتلة بين ايران والأنظمة الخليجية والعربية.وبالتالي مايفعله الخليجيون وبعض الأنظمة العربية سرا بدعم واشنطن وإسرائيل والغرب هو لنفس الهدف ايضا . وان لهذه المخاتلة فصول قادمة في سوريا واليمن وفي العراق !
سمير عبيد
٢١ أكتوبر ٢٠٢٤