بقلم: كمال فتاح حيدر ..
منذ عقود بعيدة وحتى وقت قريب، كلما جاءت سلطة حاكمة وصفتنا بالحفاة العراة. وتكررت هذه الوخزات على ألسنة معظم الزعماء والقادة الذين كانوا يتحينون الفرص للاستخفاف بالفقراء والمعوزين، فيتكبرون ويتشمخرون ويتبطرون علينا كلنا. . ربما قرأتم المقالة التي نشرتها جريدة الجمهورية المصرية في العام الماضي بقلم رئيس تحريرها (عبدالرزاق توفيق) وكانت بعنوان: (الأشجار المثمرة وحجارة اللئام والأندال). مقالة قاصرة سخيفة متشنجة تطاول فيها هذا الصفيق علينا نحن عرب الشرق الأوسط، فوصفنا بـ (الحفاة العراة) و (الأنذال). .
لا اريد الرد على هذا (التوفيق) الذي لم يكن موفقا في ثرثرته، والدليل على ذلك ان جدارياتنا السومرية والآشورية قدمت للعالم صورة رائعة تعكس مدى تمدن أجدادنا في سهول وادي الرافدين وفي سواحل الخليج، ومدى تحضرهم. .
لم يكونوا حفاة ولا عراة أبدا. بل ارتدوا أنواعاً مختلفة من الأحذية المصنوعة من جلود الغزلان، والأحذية المريحة ذات الكعوب المرتفعة لحماية القدم والظهر اثناء السير والتحرك. ونحن في الوقت الحاضر نستخدم هذا الموديلات من الكعوب المرتفعة. .
وبينت لنا المنحوتات القديمة مدى اهتمامهم بتقليم اظافر أقدامهم وعنايتهم بها. هكذا كان ابناء الرافدين والخليج والجزيرة العربية، وهكذا هم الآن. فقد شهد لهم التاريخ بأنهم اصحاب انجازات عظيمة وابتكارات مبنية على اسس علمية متقدمة. ثم ان الحفاة العراة الذين استهدفهم (صفيق) هم الذين نشروا الديانات السماوية في أرجاء المعمورة، وهم الذين أخرجوا الشعوب المتخلفة من عبادة الأوثان إلى طاعة الرحمن، اخرجوهم من العبودية إلى الحرية، ومن الذلة إلى الكرامة، وهم الذين نشروا العلوم والفنون والآداب، وهم الذين علموا الناس الكتابة بحروف اللغة العربية. .
وتعقيباً على كل ما جاء في خطاب هذا الصفيق. لنا الفخر ان نقول له: ان عرب الشرق الأوسط لم ولن يخذلوا أشقاءهم في مصر. لأن (طيبة) محفورة في وجداننا وفي قلوبنا. هي أم الدنيا وعروس الصعيد. فالحياة في وادي النيل حبلى دائماً بالإلهام والإبداع والتفوق. سلاماً عليك يا أرض الكنانة، يا أم الأجيال. فى مصر تعانقت القلوب، وتصافح المحب والمحبوب، والتقى يوسف ويعقوب. مصر يا أم الشعر والشعراء مصر يا أم أمير الشعراء. .
اما انت يا (توفيق) فلا تصلح ان تكون بوابا في العمارة التي تشغلها جريدة الجمهورية التي اشرف عليها الزعيم الراحل (محمد انور السادات) منذ ولادتها عام 1954. .
والحديث ذو شجون. . .