بقلم : هادي جلو مرعي ..
يؤاخذ بعض المراقبين رئيس تحالف عزم مثنى السامرائي إنه يرفع شعار سامراء أولا . وماالضير في ذلك إذا كان دونالد ترامب يرفع شعار أمريكا أولا، وقرر أن ينعطف إنعطافة حادة بعيدا عن سياسة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن. لكن السامرائي ووفقا للتأني الشديد الذي تحليت به وأنا أتابع مقابلته الأخيرة من فضائية عراقية أظهر شجاعة، ورسم صورة واضحة للمشهد السياسي العام في الدولة، والتوافقات السياسية، والحراك داخل المنظومة السنية التي تقوم على أعمدة ثلاث هم الشيخ خميس الخنجر، ورئيس تقدم محمد الحلبوسي، والدكتور مثنى السامرائي الذي كان له حضور مميز في التأسيس رفقة الخنجر لتحالف سياسي سني جامع يبتعد عن الفردية ورغبة البعض للجنوح نحو دكتاتورية مقيتة في ظروف لاتحتمل الترف الفكري والطموحات الطائشة أمام ملفات عدة لاتتوفر الفرصة كاملة لتحقيق تقدم فيها، وعلى مدى سنوات كاملة، وعلى الأقل منذ نهاية الحرب ضد داعش عام 2017 التي أسست لوضع سياسي جديد تكرست فيها حالة سياسية غاب عنها جيل كامل من السياسيين التقليديين الذين عاصروا فترة معقدة كان للعنف والخلاف وعدم الثقة حضور فيها لامثيل له.
هذه المرحلة يمكن أن تكون مختلفة تماما، فالعراق بالرغم من تداعيات المراحل الصعبة إلا إنه يتحرر رويدا، ويتجه الى الإعمار، وتكريس حالة الاستقرار السياسي والأمني، وهذا يتطلب تواصلا محليا بين الأفرقاء للوصول الى توافق يعزز ثقة المجموعة الدولية بالعراق، ويتأكد الخارج من تماسك الجبهة الداخلية ليكون هناك قرار دولي مستمر بالتواصل مع بغداد في قضايا الأمن والسياسة والإقتصاد والتعاون الثقافي، وفي مجالات مختلفة تعزز عودة العراق الى وضعه الطبيعي كدولة مؤسسات ينبغي أن لاتتأثر بالقضايا الخلافية، والنزعات السلبية نحو التفرد والتغول على الآخرين على مستوى الأفراد، وعلى مستوى المجموعات السياسية والعرقية والطائفية، ولعل مشكلة إختيار رئيس للبرلمان كانت معضلة حقيقية كشفت فيها نوايا زعامات وكتل، وكانت محلا للإستثمار السلبي والتفرقة، وسبيلا الى الأزمة التي إنتهت بتوافق، لكنه توافق محفوف بالتنازلات والقلق، وكان للدكتور مثنى السامرائي مشاركة فاعلة في تخفيف الإحتقان، وتقريب وجهات النظر لصلته الجيدة بالقوى الفاعلة في المكونات العراقية، وهو يتذكر مواطنا من كركوك إنتقده في يوم لقربه من الإطار التنسيقي، ولكنه بعد وقت غير رأيه لأن ذلك التقارب والتفاهم والعلاقة الحسنة والموضوعية، والتي تحتكم الى الواقعية السياسية كانت سببا في الوصول الى تفاهمات وحققت لذلك المواطن ولغيره نتائج مهمة لأن الإنغلاق والعزلة، ورفض الآخر في بلد واحد، وعدم التواصل يقلل فرص النجاح والوصول الى الحل في المشاكل العالقة التي تستهدف الدولة، أو تلك التي على مساس بحياة المواطنين الذين يضعون أعينهم على قادتهم لتحقيق الغايات والمطامح والعيش بكرامة، وحين يكون لكل طيف من يمثله شريطة أن يكون تمثيلا حقيقيا واقعيا بعيدا عن الشعارات الرنانة التي يطلقها بعض أصحاب النزعة الفردية من أجل مجد شخصي منفصل عن مجد الأهل والوطن.