بقلم : عامر جاسم العيداني ..
ان تأخير إقرار الموازنة العامة في العراق له تأثيرات سياسية واقتصادية كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بموازنة 2025 وتأخر صرف موازنة 2024.
ان العراق يعتمد بشكل كبير على الموازنة العامة كأداة رئيسية في تنظيم الإنفاق الحكومي وتوفير الأموال اللازمة لدعم الخدمات الأساسية وتمويل المشاريع التنموية وقد يؤثر على دفع رواتب الموظفين .
أي تأخير في إقرار الموازنة أو صرفها يعطل هذه الجوانب الأساسية ويخلق مجموعة من التداعيات السياسية والاقتصادية التي تؤثر على البلاد بشكل عميق.
ان التأثيرات الاقتصادية لتأخير الموازنة تشمل تعطيل المشاريع الاستثمارية والبنى التحتية والتي تعتمد على التمويل الحكومي مثل مشاريع البنية التحتية والتطوير العمراني والطاقة ، وهذا التأخير يضر بقطاع البناء ويؤدي إلى توقف أعمال المقاولين وفقدان العديد من فرص العمل، مما يزيد من معدلات البطالة ويبطئ عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد.
ويؤدي الى تراجع الاقتصاد وتعميق الأزمة الاقتصادية ، ويؤثر تأخير الموازنة سلباً على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب حيث يرون أن هناك خللاً في الإدارة المالية وهذا يضعف بيئة الاستثمار ويؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من اعتماد العراق على إيرادات النفط فقط مما يعرض الاقتصاد للتقلبات العالمية في أسعار النفط ويضعه في دائرة الخطر.
ان تأخير الموازنة قد يسبب التضخم في بعض الأحيان بسبب زيادة الأسعار نتيجة قلة السيولة المتاحة في السوق ، وهذا يؤدي إلى رفع تكاليف المعيشة وزيادة معاناة المواطنين خاصة من ذوي الدخل المحدود.
والتأثيرات السياسية لتأخير الموازنة تزيد من التوترات بين الحكومة المركزية والإقليم خصوصا عدم صرف حصة إقليم كردستان من الموازنة أو تأخيرها يفاقم التوترات بين الحكومة الاتحادية والإقليم، حيث يعتمد الأخير على هذه الأموال بشكل كبير لدفع الرواتب وتغطية النفقات ، وهذا يزيد من احتمالية حدوث نزاعات سياسية قد تؤثر على استقرار البلاد.
ان تأخير اقرار الموازنة يؤدي الى حدوث توترات بين الأحزاب والكتل السياسية وحدوث انقسامات بين الكتل السياسية في البرلمان، حيث تتهم بعض الأطراف الحكومة بعدم الكفاءة في إدارة الموارد المالية أو بالفساد وهذا ينعكس سلباً على ثقة الشعب بالحكومة ويزيد من عدم الاستقرار السياسي.
وعندما تُظهر الحكومة عجزاً عن إقرار أو صرف الموازنة في الوقت المحدد يفقد المواطنون الثقة في قدرتها على إدارة شؤون البلاد مما يؤدي إلى احتجاجات وتظاهرات ويزيد من حجم المعارضة والضغط الشعبي وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى تغييرات في الحكومة أو تعديلها.
وقد يؤثر تأخير الموازنة على التزامات العراق الخارجية، مثل الاتفاقيات الاقتصادية والمشاريع المشتركة مع دول أخرى مما يضر بمكانته الدولية ويضعفه أمام المجتمع الدولي وخاصة الدول التي ترغب في الاستثمار بالعراق.
بناءً على هذه المعطيات، فإن تأخير إقرار أو صرف الموازنة ليس مجرد خلل مالي بل هو عامل يمكن أن يعمق الأزمات الاقتصادية ويزيد من التوترات السياسية في العراق ، والموازنة العامة هي أداة حيوية للاستقرار المالي والسياسي وأي عرقلة في إقرارها أو تنفيذها تعني تأجيلاً للأهداف التنموية وتحقيق استقرار اقتصادي في البلاد.