بقلم : أياد السماوي …
في الجزء الرابع من هذا المقال كنا قد أوضحا إنّ مرافقة حيدر العبادي وموفق الربيعي للمرحوم السيد مهدي الحكيم في لندن , الذي كان يلتقي مع المخابرات البريطانية للعمل من أجل إسقاط حكومة صدّام في ثمانينات القرن الماضي , كانت هي الباب الذي نفذت من خلاله المخابرات البريطانية لتجنيد بعض من قيادات حزب الدعوة الأسلامية الرخوّة المتواجدة في العاصمة البريطانية لندن , ومنهم القيادي حيدر جواد العبادي الذي أصبح فيما بعد رئيسا للوزراء في الانقلاب الذي قاده مع أغلب قادة حزب الدعوة للإطاحة بزعيمهم نوري المالكي الفائز في الانتخابات , وهذا الاختراق لأهم منصب في الدولة هو الذي مهدّ الطريق للاختراق الأكبر في تأريخ العراق الحديث , ويبدو أنّ زعيم الحزب نوري المالكي الذي أطاحت به أمريكا في الانقلاب الذي قاده حيدر العبادي وعبد الحليم الزهيري وأعضاء المكتب السياسي الآخرون , هو لربّما من القادة القلائل في الحزب الذين لم تجندّهم المخابرات البريطانية أو الأمريكية ..
ارتباط حيدر العبادي المبّكر مع المخابرات البريطانية هو الذي سهلّ للمخابرات الأمريكية فيما بعد تجنيده وإيصاله إلى رئاسة الوزراء .. وخلال فترة وزارتي نوري المالكي الأولى والثانية , كان حيدر العبادي كثير التردّد على الولايات الولايات المتحدّة الأمريكية , وكان في كلّ هذه الزيارات يجري لقاءات سرّية للغاية مع المخابرات الأمريكية , من دون علم السفارة العراقية في واشنطن أو الحكومة العراقية , وكان حلقة الوصل في جميع هذه اللقاءات السريّة هو القنصل التجاري في السفارة العراقية ( نوفل أبو الشون ) الذي عيّنه العبادي مديرا لمكتبه بعد توّليه رئاسة الوزراء مباشرة .. وقصّة ارتباط حيدر العبادي مع المخابرات الأمريكية لا يحتاج إلى وثائق وأدّلة , لأنّ الحصول على مثل هذه الوثائق أمر مستحيل .. لكنّ سياسة حيدر العبادي التي اتجّهت بالكامل صوب أمريكا وإعادته القوات الأمريكة التي أخرجها المالكي إلى العراق مرة ثانية تحت غطاء المدربين والمستشارين , وتضييقه المالي على الحشد الشعبي تمهيدا لحلّه , واستجابته لضغوط أمريكا في تنفيذ العقوبات الاقتصادية على إيران , ومحاولاته عزل الشهيد أبو مهدي المهندس من قيادة الحشد الشعبي , وإصرار أمريكا على توليته لدورة ثانية , كلّها مؤشرات على ارتباطه الذي لم يعد مجرّد شّك مع المخابرات الأمريكية .. لكنّ الدليل الوحيد على هذا الارتباط والذي لا يقبل الشّك أبدا هو تعيينه المدعو مصطفى عبد اللطيف مشتت رئيسا لجهاز المخابرات الوطني العراقي , والذي أصبح فيما بعد رئيسا للوزراء في العراق .. وهنالك من يقول أنّ رئاسة حيدر العبادي لمجلس الوزراء في العراق , لم تكن سوى المحطّة الأولى لوصول مصطفى عبد اللطيف مشتت عميل المخابرات الأمريكية والإسرائيلية إلى رئاسة مجلس الوزراء .. في الأجزاء القادمة إن شاء الله سنبدأ باستعراض الاختراق الأكبر في تأريخ دولة العراقية ..