بقلم : أياد السماوي …
كل شيء في افغانستان يوحي أنّ عودة طالبان إلى الحكم باتت مجرّد وقت ليس إلا .. وطالبان ستدخل كابول بعد 11 / سبتمبر , وهو الموعد النهائي لانسحاب آخر جندي من أفغانستان , فليس هنالك قوّة على الأرض ستمنع قوات طالبان من دخول العاصمة كابول فاتحين ومنتصرين .. وكما خرجت بريطانيا من أفغانستان , وبعدها الاتحاد السوفيتي مهزومين شرّ هزيمة , هاي هي الولايات المتحدّة الأمريكية تواجه ذات المصير المشين والمخجل بعد حوالي عشرين عاما من الاحتلال .. عشرون عاما لم يفهم قادة دولة رعاة البقر أنّ التظيمات العقائدية مثل طالبان والقاعدة وداعش لا تهزمها الجيوش والطائرات المقاتلة الحديثة والصواريخ بعيدة المدى , بل لا بدّ من مواجهة هذه التنظيمات العقائدية بتنظيمات عقائدية مخالفة لها في العقيدة , والتجربة في العراق وسوريا قد أثبتت أنّ هذه التنظيمات لا يمكن أن تهزم إلا بتنظيمات من ضدّها النوعي .. وهكذا كان الحشد الشعبي الضد النوعي لداعش في العراق الذي أذاق داعش الهزيمة المرّة وسحق أسطورتها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من دخولها بغداد .. وهكذا كان حزب الله في سوريا الذي هو الآخر قاتل داعش وهزمها شرّ هزيمة في سوريا .. فالحشد الشعبي وحزب الله هما من هزم داعش وهما من أنقذ العالم من شرورها وارهابها , وليس طائرات أمريكا وصواريخها .. نعم طائرات أمريكا قدّمت دعما للقوات المقاتلة على الأرض , لكنّ الذي أخرج جرذان داعش من جحورها تحت الأرض هم أبناء الحشد الشعبي الأبطال الميامين الذين ضربوا أروع أمثلة البطولة والفداء والتضحية من أجل الوطن والشعب والمقدّسات , وأنقذوا الأنسانية من شرور أكبر إرهاب عرفته البشرية في تاريخها الحديث …
ما يجري في أفغانستان دفع السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر لتوجيه هذا السؤال لمن يطالب بحل الحشد الشعبي أو انسحابه من محافظات الغرب العراقي , ماذا لو انسحب المحتّل من العراق وجيشنا من دون رديف حشد خبر هزائم داعش ؟ هل يوجد من يضمن بقاء بغداد آمنة ؟؟؟ .. وهل لا زالت القوى السياسية السنيّة تطالب برحيل الحشد الشعبي من محافظات الغرب العراقي بعد هذه التطورات الحاصلة في أفغانستان ؟ من سيضمن عدم عودة داعش وسقوط المحافظات الغربية بيدها من جديد ؟؟ هذه أفغانستان أمامنا الآن , فالشعب الأفغاني كلّه عانى ما عانى من حكم طالبان الظلامي .. فهل سيقف الشعب الأفغاني أمام ظلام طالبان ويتصدّى لعدم عودة الظلام إلى أفغانستان ؟ فإذا تصدّى الأفغان لطالبان ومنعوها من العودة للحكم , حينها سنقول أنّ نظرية الضدّ النوعي قد سقطت ولم يعد لها مبرر وأنّ سنّة العراق سيقاتلون داعش ولا حاجة لهذا الضدّ النوعي .. أنّ عودة طالبان مجددا إلى الحكم في أفغانستان تدعونا للقلق أكثر من أي وقت مضى وينبغي على الجميع تهيئة الحشد الشعبي لهذه التطورات القادمة , خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تصريحات السفير البريطاني قبل رحيله من بغداد قبل بضعة أيام , وتصاعد الدعوات الدولية والإقليمية والداخلية لتأجيل الانتخابات النيابية في العاشر من تشرين الأول القادم .. فكلّ المؤشرات تؤكد أنّ القوى الدولية والإقليمية التي مهدّت لداعش في احتلال ثلث العراق , تمّهد الآن لمرحلة جديدة من الفوضى تكون شرارتها هذه المرّة من محافظات الجنوب العراقي .. وعلى جميع شركاء الوطن أن يعلموا أنّ لا ضامن لحفظ العراق وشعبه ومقدّساته من الإرهاب غير الحشد الشعبي .. وهذا ليس انتقاصا من قواتنا المسلّحة الباسلة أبدا , فأبطال القوات المسلّحة يعلمون قبل غيرهم ماذا يعني وجود الحشد الشعبي جنبا إلى جنب مع القوات المسلّحة والقوات الأمنية بحفظ العراق وأهله من الذين يترّبصون السوء له .. فألف تحية لحشدنا الشعبي الرديف لجيشنا العراقي البطل في الذكرى السابعة لتأسيسه .. والمجد والخلود للشهيد القائد أبو مهدي المهندس وكلّ شهداء الحشد الذين سقطوا دفاعا عن العراق .. عاش العراق .. عاش العراق .. عاش العراق ..