بقلم : أياد السماوي …
بادئ ذي بدء أتوّجه بالتحية والإجلال للمجاهدين من أبناء الحشد الشعبي المرابطين على الثغور وجها لوجه أمام داعش المجرمة , وتحية من الأعماق لأولئك الرجال الذين عقدوا العزم لإخراج القوات الأمريكية من العراق واقسموا بدماء قاسم وجمال أن لا يبقى جندي أجنبي واحد مقاتل على أرض العراق , تحية للحشد الذي حمى الأرض وصان العرض وذاد عن المقدسات .. ها هي أمريكا تطلب من كافة رعاياها في أفغانستان من مغادرتها فورا , وها هي قندهار ثاني أكبر المدن الأفغانية تسقط بالكامل بيد طالبان بعد أن سقطت هرات ثالث أكبر المدن الأفغانية , وها هي مزار شريف المطوّقة من طالبان قاب قوسين أو أدنى من السقوط , وها هي كابل العاصمة مهدّدة بالسقوط هي الأخرى بين لحظة ولحظة كما يرى ذلك كافة المراقبين والخبراء العسكريين .. فما يجري في أفغانستان من تطورات دراماتيكية كان العراق قد مرّ بها عام 2014 عندما تخلّت إدارة أوباما عن تقديم المساعدات إلى الحكومة العراقية بالتصدّي لداعش وامتنعت عن تقديم السلاح والعتاد للجيش العراقي لمواجهتها , وسمحت لها بالتوّغل إلى الأراضي العراقية من أجل إسقاط حكومة المالكي , حيث سقطت محافظة الموصل أمام أعين الإدارة الأمريكية , واجتاحت داعش كافة المحافظات الغربية ووصلت على مشارف بغداد , ولولا العناية الألهية وفتوى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف وتشكيل حشد الله المقدّس , لكان حال العراق كحال أفغانستان اليوم .. فشكرا لله تعالى وشكرا لصاحب الفتوى الخالدة التي حمت العراق وشعبه ومقدّساته , وتحية لمن أصدر الأمر الديواني بتشكيل هذا الحشد , والمجد والخلود للشيبة الطاهرة التي بنت صرح هذا الحشد العظيم ..
ولو كانت حكومة كابل قد أخذت بتجربة حشد العراق في التصدّي لداعش التي كانت أقوى وأوحش من طالبان بعشرات المرات , وانشأت جيشا عقائديا مرادفا للجيش الافغاني من الضدّ النوعي لعقيدة طالبان , لما سقطت أفغانستان بيد طالبان بعد تسعة عشر عاما من سقوطها , وكان الأولى بالحكومة الأفغانية أن تضع بنظر الاعتبار أنّ أمريكا قد تسحب جيشها في أيّة لحظة , وكما فعلت إدارة بايدن .. إنّ ما يجري في أفغانستان من أحداث ستنعكس بالتأكيد على الوضع الأمني والعسكري في العراق وسوريا وعموم المنطقة , وهذا مما يزيد من أهمية تعزيز قدرات الحشد الشعبي العسكرية والمعنوية , وكبح جماح تلك الأصوات التي تطالب بحل الحشد الشعبي أو سحبه من محافظات العراق الغربية تحت أي غطاء وذريعة .. وإذا كانت الحاجة لوجود الحشد الشعبي مضروبة بعشرة , فهذه الحاجة أصبحت بعد أحداث أفغانستان مضروبة بمائة .. وقد يقول قائل وما ضرورة وجود الحشد مع وجود القوات المسلّحة العراقية والقوات الأمنية , والجواب على هذا هو أنّ الموصل والمحافظات الغربية عندما سقطت بيد داعش عام 2014 وحدث ما حدث , كان هنالك جيشا عملاقا مزوّدا بالسلاح والعتاد وأجهزة أمنية داخلية كبيرة من أبناء هذه المحافظات , ولكنّ جميع هذه القوات قد انهارت أمام بضعة مئات من شراذم داعش , ولو انسحب الحشد الشعبي اليوم من المحافظات الغربية فإنها ستسقط خلال بضعة أيام وليس أسابيع أو أشهر , وما تشهده المحافظات الغربية من نشاط متزايد لعصابات داعش المجرمة هو دليل على صحّة ما نقول .. فحافظوا أيّها العراقيون على حشدكم , وعضّوا عليه بالنواجذ , فهو الحامي بعد الله عن بلدكم وشعبكم ومقدّساتكم .. وهذه أفغانستان أمامكم ..