بقلم : د. مظهر محمد صالح …
اليَقَظَة هي حالة دماغية متكررة يومياً يكون فيها الفرد واعيًا ومشاركًا في الاستجابات المعرفية والسلوكية تجاه العالم الخارجي مثل الاتصال والتأمل والأكل وغيرها ، في حين تنصرف الغفلة الى تخلف الذكاء وقلة الفطانة ، وبين هذا وذاك تتسع الحياة المجتمعية لتمنح اليقظة فرص الجدل التاريخي في مساحات داكنة يلونها الوعي اي بما هو التفكير في الذات وعدهِ مادة لمكنونات الصراع بما في ذلك الوعي الزائف .فبين جدل اليقظة والغفلة يتعرض التاريخ البشري الى نقيض يقترب من الاستلاب في لعبة اشبه ما (بمجموعة اللعبة الصفرية zero sum game ) وهي بين اليقظة الرابحة تماما والغفلة الخاسرة بمرارة، وهنا لابد من البحث عن اللعبة التعاونية cooperative game التي تمثل نهضة التاريخ وتختفي فيها المساحة الداكنة بين اليقظة وبين الغفلة ويكون عندها الوعي بحق الحالة العقليّة التي يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق الجارية من حولنا ، وذلك عن طريق اتّصال الإنسان مع المحيط الذي يعيش فيه واحتكاكه به ممّا سيسهم في خلق حالة من الوعي لديه بكل الأمور التي تجري وتحدث من حوله، بما يجعله أكثر قدرة على إجراء المقاربات والمقارنات من منظوره هو ومن ثم سيصبح أكثر قدرةً على اتخاذ القرارات التي تخص المجالات والقضايا المختلفة التي تطرأ له.
والوعي أيضاً هو المحصول الفكري الذي ينضوي عليه عقل الإنسان بالإضافة إلى وجهات النظر المختلفة التي يحتوي عليها هذا العقل والمتعلق بالمفاهيم المختلفة المتمحورة حول القضايا الحياتية والمعيشية .
فمن اجمل ما قرأت للكاتب والمفكر العراقي حسين العادلي وهو يرسم مساحة التناقض بين الغفلة واليقظة قائلاً:
• زمن الحقيقة (جُلّه) غَفْلَة، و(اليقظة) استثناء!!
• تموت (الدول)، بسبات الشعوب، وغَفْلَة النُخبة.
• (تزدهر) الغَفْلَة بالتّرف، و(تموت) بالشّدة.
• مَن (أسكرته) الغَفْلَة، (ستفجعه) العاقبة.
• ما دامت اليقظة (طريدة)، فالغَفْلَة (ضالة) الحليم.
• الفَوت (نذير) الغَفْلَة، والحصاد (الحسّرة).
• الغَفْلَة (أفيون) الفرصة.
• السلطة والغَفْلَة (قلما) يفترقان، فالشهوات (سلطان)!!
ولكي استكمل الجدلية التي بدأتُها والتي اسس لها مفكر المشرق العربي العادلي فيمكنني القول في اليقظة :
هي مصيدة الفرص لمجموعات بشرية سالبة تغفوا في الغفلة … فاذا كانت الغفلة هي التشكيل السالب للحياة فان اخطر انواع اليقظة هي اليقضة السالبة وهي (الضد النوعي ) والتي تصحوا على سبات المغفلين و باغلفة عقلية عمياء وبوعي زائف… وهم بالغالب سراق سعادة الشعوب والامم .وان اعلى طبقات اليقظة الموجبة هي (التلاحم النوعي) هي من تبث الوعي الايجابي في حياة الناس لبناء السعادة والتمتع بالفرص دون ضياع.
وهكذا يتكالب على الامم (المغفلة) بلا ريب صناع (اليقظة السالبة) كي تستحيل فيها (الغفلة) الى ضياع و تمسي فيها غلبة (اليقظة) معاقل للقمع والاستغلال.