بقلم : أياد السماوي …
واحد وأربعون يوما تفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية المبكرّة في العاشر من تشرين الأول القادم , بعد أن أسدل الستار نهائيا على كلّ المحاولات التي سعت لتأجيلها .. وها هو العدّ التنازلي قد بدأ , وبدأ معه التنافس الانتخابي بين الأحزاب والكتل السياسية التي ستخوض غمار هذه السباق الانتخابي .. ولا شّك أنّ هذه الانتخابات ستكون هي الأهم من كل الانتخابات التي مرّت , بل أنّ هذه الانتخابات ستكون هي الفاصل التاريخي بين الدولة واللا دولة , وبين الإصلاح واللا إصلاح , وبين الفساد واللا فساد .. فالعراقيون الذين عانوا من الفساد والنهب المنّظم للمال العام وفقدان الأمن والخدمات وابتلوا بهذه العملية السياسية الفاسدة , ينظرون لهذه الانتخابات أن تكون البداية الصحيحة لتحقيق الإصلاح الحقيقي في بنية النظام السياسي القائم .. والخطوة الأولى باتجاه الإصلاح المنشود تبدأ من حكومة الأغلبية السياسية , فما لم يتمّ الخلاص ومن غير رجعة من حكومات التوافق التي أعقبت سقوط النظام الديكتاتوري , والشروع بتشكيل حكومة الأغلبية السياسية , فلا إصلاح ولا خلاص من الفساد والنهب للمال العام , وسيبقى الحال على ما هو عليه الآن , ولربّما يكون أكثر من ذلك .. فالخلاص الحقيقي يبدأ من تشكيل حكومة الأغلبية , أنا أفترض أنّ الانتخابات ستفضي إلى كتلتين كبيرتين فقط , والكتلة التي ستتمّكن من جمع 165 مقعدا فأكثر هي الكتلة الأكبر وهي المعنية بترشيح الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة , أمّا الكتلة التي ستجمع أقل من 165 مقعدا , فيجب أن تأخذ دور المعارضة البرلمانية .. فرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين سيشّكلون الحكومة , يجب أن يكونوا جميعا من الكتلة البرلمانية الأكبر .. وبدون تشكيل حكومة الأغلبية التي هي روح وجوهر النظام الديمقراطي , ستبقى ديمقراطية التوافق التي طبعت العملية السياسية الجارية في العراق والتي هي سبب كلّ هذا البلاء الذي يعاني منه الشعب العراقي ..
وحكومة الأغلبية السياسية هي الخطوة الأولى نحو بناء دولة المواطنة وتحقيق الإصلاح الشامل للنظام السياسي القائم في العراق , وفلسفة العملية السياسية الجارية قائمة على دولة المكوّنات والمحاصصات الطائفية والقومية والحزبية , ولا سبيل للخروج من دولة دولة المكوّنات والمحاصصات بغير حكومة الأغلبية السياسية التي هي الفلسفة الصحيحة المقابلة لفلسفة المحاصصات بكلّ أشكالها , ودستور العراق الدائم لا يتعارض مع تشكيل حكومة الأغلبية السياسية وإنهاء فلسفة المحاصصات التي قامت عليها العملية السياسية الجارية .. فبدون حكومة الأغلبية السياسية لا يمكن الحديث أبدا عن طبقة سياسية نزيهة وحكومة نزيهة تضع لبنات الدولة المدنية الحديثة ودولة المواطنة , ومن يريد الإصلاح قولا وفعلا ويسعى للخروج من مأزق الفساد والنهب المنّظم للمال العام , فليتبّنى شعار حكومة الأغلبية كحلّ وحيد للخروج من مأزق حكومات التوافق , والسبيل الوحيد لهذه الدولة التي ننشدها جميعا يمرّ فقط عبر حكومة الأغلبية السياسية , وقد آن الأوان أن يقف دعاة الإصلاح مع هذه الدعوّة وتبنيها كشعار وهدف لا بديل عنه للوصل بالشعب العراقي إلى بر الأمان وتحقيق الإصلاح المنشود ..