بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
تنتهي معظم العلوم في أخر حروفها بكلمة (لوجيا)، فالأيديولوجيا : علم الأفكار، والبيولوجيا: علم الأحياء، والسوماتولوجيا: علم الجسد البشري، والأنتولوجيا: علم تكون الأمم، والإنكولوجيا: علم الأورام، والباثولوجيا: علم الأمراض، والبكتريولوجيا : علم الميكروبات، والبارماكولوجيا: علم العقاقير، والميتيورولوجيا: علم الأرصاد، والمثيولوجيا : علم الأساطير والخرافات. .
اما الغمانولوجيا: فهو علم الجهل والتجهيل، وقد أصبحت القوى الدولية العظمى متخصصة في صناعة هذا العلم وتغليفه بأرقى الأشكال، ثم تسويقه على نطاقٍ واسع الى بعض المتنفذين في البلدان الفقيرة لتجهيل أكبر عدد ممكن من المعنيين بالشأن السياسي و الاقتصادي، إذ تنحصر مهامهم في بث روح اليأس في نفس صاحب القرار، وتلفيق الاكاذيب وترسيخها في أذهان عامة الناس.
وقد ترك هذا العلم رواسبه بين الغمان الذين ينطبق عليهم المثل الشعبي: (لا يندل ولا يخليني أدليه). حتى صار الغباء عندهم موهبة. ولا يهمهم الاستمتاع للنصح والتوجيه، بقدر ما يهمهم أستعراض جهلهم وتخلفهم، وهذا للأسف ما أصبحنا نتابعه على مواقع التواصل الاجتماعي.
فعندما تتخلى الدولة عن قانون حماية المنتجات الوطنية وتفتح منافذها لمنتجات دول الجوار فالدولة حينئذ تمارس أخطر أنواع الغمانولوجيا. .
وعندما تصطف الأبواق الماجورة خلف الذين رسموا للعراق خارطة الفشل فهي الغمانولوجيا بعينها. .
وعندما تتغافل الجهات التنفيذية عن أخطاء عفاريت المحاصصة الذين اسرفوا في نهب المال العام فانها الغمانولوجيا بدمها ولحمها. .
عندما تتولى الجامعة اعداد رسائل الدكتوراه والماجستير للطالب البليد مقابل حصولها على حفنة من الدولارات فهي الغمانولوجيا بثوبها الاكاديمي الممزق. .
وعندما يبيع المشاور القانوني ذمته للوزير او المدير الفاسد فهي الغمانولوجيا بصيغتها المتقاطعة مع الاعراف والشرائع. .
وعندما تُزيف الوقائع ويصبح الاعلام عبدا لمن يدفع أكثر فهي الغمانولوجيا التي صارت الصفة الغالبة لكل المنابر الرخيصة. .
وعندما تقف الدولة موقف المتفرج إزاء كل الممارسات الخاطئة فانها تصبح داعمة للغمانولوجيا بكل تفرعاتها. .
ولعل أهم مصدر لتكريس علوم الغمانولوجيا والجهل والتجهيل هي المحاصصات السياسية التي استحوذت على معظم المؤسسات، وكان لها الدور الفاعل في نشر الغمانولوجيا. .