( رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ، يمثل سيادة البلاد ، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور ، والمحافظة على استقلال العراق ، وسيادته ، ووحدته ، وسلامة أراضيه ، وفقاً لأحكام الدستور ) .. هكذا وصف الدستور العراقي منزلة ومقام رئيس الجمهورية الذي هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن , والمشرّع العراقي عندما وصف رئيس الجمهورية بأنّه رئيس الدولة , يعلم أنّ مصطلح الدولة يختلف جذريا عن مصطلح الحكومة , فمفهوم الدولة أوسع وأشمل كثيرا من مصطلح الحكومة ، فالدولة هي كيان شامل يتضمن جميع المؤسسات العامة وكل أعضاء المجتمع بوصفهم مواطنين ، ويعني سيادة البلد ووحدته واستقلاله , ويعني ضمان الالتزام بالدستور , بينما الحكومة هي جزء من كيان الدولة وليست هي الدولة , والفرق بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة كالفرق بين الدولة والحكومة من حيث المفهوم .. من خلال هذه الأهمية الاستثنائية التي أفردها الدستور لرئيس الجمهورية , اعتبر الدستور العراقي رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن الذي يمّثل سيادته .. بمعنى أنّ الذي يتبوأ منصب رئيس الجمهورية يجب أن يكون مؤمنا إيمانا قطعيا بوحدة هذا الوطن قولا وفعلا وسلوكا , ولا يشترط فيه أن يكون كرديا أو عربيا أو تركمانيا أو من باقي مكوّنات الشعب العراقي الأخرى , كما ولا يشترط أن يكون مسلما أو غير مسلما أو من أيّ مذهب .. الشرط الأهم الواجب توّفره في المرّشح لرئاسة الجمهورية أن يكون مؤمنا بوحدة هذا البلد أرضا وشعبا , بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه , كما ويجب أن لا يكون مرّشحا من قبل حزب سياسي يدعو للانفصال عن العراق .. والسؤال الذي يطرح نفسه , هل يجوز القبول بمرّشح لمنصب رئيس الجمهورية من الحزبين الكرديين الرئيسيين أو أي حزب كردي آخر يرفع شعار تقرير المصير والانفصال عن العراق ؟ أو من الذين شاركوا باستفتاء انفصال الإقليم ؟ .. هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال ..
بموجب المادة 67 من الدستور العراقي لا يجوز مطلقا ترشيح أيّ شخص ينتمي لحزب يطالب بتقرير المصير ويسعى للانفصال عن العراق , كما ولا يجوز أبدا قبول ترشيح أيّ شخص سبق له أن شارك في استفتاء انفصال إقليم كردستان عام 2017 .. وباعتبار أنّ رئيس الجمهورية الحالي ( برهم صالح ) ينتمي لحزب ينادي بتقرير المصير وهو نفسه قد شارك باستفتاء الإقليم عام 2017 , فقد كان توّليه منصب رئيس الجمهورية مخالفة دستورية فاضحة دفع الشعب العراقي عنها ثمنا باهضا .. وهذا الثمن الباهض بدأ منذ اللحظة الأولى بعد التصويت عليه رئيسا للجمهورية , عندما خالف الدستور في تحديد الكتلة الأكبر وتكليف مرّشح الكتلة الأكبر واستمرّ حتى طعن العراق بتكليف رئيس وزراء جاهل وأمي بكل شيء ولا يصلح أن يكون راع لأربعة عنزات , سوى أنّه كان صبيا من صبيانه.. والحقيقة أنّ تجربة وجود رئيس كردي للجمهورية هي إحدى الخطايا الكبرى لهذه العملية السياسية الفاشلة والفاسدة , فكيف يكون رئيس الجمهورية الذي هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن كرديا انفصاليا لبلد غالبيته العظمى من العرب ؟؟ .. وإذا كان ولا بدّ من الخضوع لمبدأ المحاصصات البغيض , فبهذه الحالة يجب أن يكون منصب رئيس الجمهورية من حصّة المكوّن السنّي , ومنصب رئاسة مجلس النواب من حصّة المكوّن الكردي .. أنا شخصيا من الداعمين لتبوء منصب رئيس الجمهورية شخص سنّي من الذين يؤمنون بوحدة هذا البلد أرضا وشعبا وليس من الساعين لتشكيل إقليم سنّي .. ومن الداعمين لتبوء منصب رئاسة مجلس النواب من الحزب الديمقراطي الكردستاني .. وبدوري أدعو كافة القيادات الشيعيّة والسنيّة للعمل على ترشيح رئيس للجمهورية من المكوّن السنّي وتغيير قواعد لعبة المحاصصات , حتى يكون ذلك مصداقا لما جاء في المادة 67 من الدستور العراقي التي اشترطت بالرئيس أن لا يكون انفصاليا ..