بقلم : أياد السماوي …
تسعة أيام فقط تفصلنا عن أهم انتخابات في مرحلة ما بعد نظام صدّام الديكتاتوري , فبعد بيان المرجعية الدينية العليا الذي دعت فيه العراقيين إلى المشاركة الواسعة والفاعلة والواعية , فإنّ توقعات المراقبين السياسيين تشير إلى أنّ نسبة المشاركين في هذه الانتخابات ستتجاوز حاجز الستين بالمائة , وقد يعتقد البعض أنّ هذا التفاؤل غير واقعي بسبب عدم وجود كتل سياسية جديدة وقوية تنافس الأحزاب والكتل السياسية التقليدية التي أحكمت قبضتها على مقاليد السلطة منذ الإطاحة بالنظام البعثي الديكتاتوري وحتى هذه اللحظة , وهذا صحيح إلى حد ما إذا ما نظرنا للأمر من زاوية أداء هذه الكتل وما أنجزته خلال الحقبة الماضية .. لكن إذا ما نظرنا إلى أهميّة هذه الانتخابات من زاوية أخرى كونها تشّكل منعطفا تاريخيا هاما وخطيرا يتمّثل بالصراع الحاد بين قوى النظام والقانون وقوى اللا نظام , حينها سندرك مدى أهميّة وخطورة هذه الانتخابات .. وربّ سائل يسأل من هي قوى اللا نظام التي تشّكل خطرا جسيما على مستقبل النظام السياسي في العراق ؟ وهل هي فعلا بهذا المستوى من الخطورة ؟ أم أنّ هذا تهويل مدفوع الثمن يراد منه نصرة تيّار سياسي على حساب تيّار سياسي آخر ؟؟.. أسئلة نحاول الإجابة عنها بحيادية وبعيدا عن أيّ انحياز ..
وقبل الدخول في توضيح خطورة هذه الانتخابات وما سيترتّب عليها من نتائج , أودّ أن أطلع الرأي العام والشعب العراقي , إلى أنّ الظروف السياسية التي يمرّ بها بلدنا وشعبنا تشابه تماما تلك الظروف التي مرّت بها المانيا عام 1933 , قبيل صعود الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر إلى سدّة الحكم في ألمانيا .. ولو كانت الأحزاب السياسية الكبيرة في المانيا قد أدركت مخاطر النازية على الشعب الألماني وشعوب العالم بأسرها وتجاوزت خلافاتها السياسية ووحدّت كلمتها أمام هذا الخطر الذي سيدّمر المانيا والعالم , لما تمّكن الحزب النازي من القفز إلى السلطة واستغلال لعبة الديمقراطية , لكنّ المصالح الضيّقة والخلافات السياسية بين الأحزاب الألمانية الكبيرة هي من مهدّ الطريق للنازية الهتلرية للصعود إلى الحكم في ألمانيا والوصول إلى الرايخ الثالث وشن الحرب على العالم بأسره .. فمن خلال هذه المقدّمة نستطيع القول أنّ أهمية هذه الانتخابات تتمّثل تحديدا في منع قوى اللا نظام واللا قانون من الوصول إلى رئاسة الوزراء في العراق .. فوصول قائد سياسي يعتبر القرار الوطني هو مجرّد ( گصگوصة ) , ويعتبر الولاء لأسرته فوق الولاء للوطن والقانون والنظام , ويرى في نفسه القائد الواجب الطاعة من قبل الجميع وكلامه فوق القانون , ويمتلك القوّة والسلاح الذي يهدّد به أمن البلد واستقراره , إلى رئاسة الوزراء .. سيكون كارثة على العراق وشعبه , فمثل هذا القائد سوف لن يكون خطرا على النظام السياسي القائم فحسب , بل سيكون خطرا على الشعب العراقي وشعوب المنطقة بأسرها , وسيحرق العراق كما حرق هتلر ألمانيا والعالم معه .. خطابي هذا موّجه بشكل خاص إلى قوى النظام والقانون التي ترى أنّ الدستور والقانون فوق الجميع , وانّ الولاء هو للوطن والشعب حصرا هو الولاء الواجب ولا ولاء غيره .. وقد آن الأوان لقوى النظام والقانون أن تعي خطورة مرحلة ما بعد الانتخابات , وتتهيأ من هذه اللحظة لإعلان ( تحالف قوى النظام والقانون ) الذي سيحمي البلد ويصونه ويحافظ على وحدته واستقلاله ..