بقلم : سرى العبيدي ✍️
توفر لدينا ما يكفي من الأسباب لإساءة الظن بعدد كبير من الساسة المتصدين لصورة غلاف مجلتنا السياسية، ويكفي أن عدد المقالات التي تنتقدهم أو تشكو من أدائهم أو تكشف عوراتهم بلغ الآلاف، فيما الذين يكتبون مدافعين عنهم يعدون على أصابع يد واحدة، ناهيك عن أن كتاباتهؤلاء أما مغلفة بثوب من الأستحياء ، أو أنها مدفوعة الثمن..!
لقد أصبح نقد الساسة وأدائهم هوية وهواية للكثير من الكتاب والإعلاميين ـ ومنهم كاتبة هذا المقال، وفي معظم الأحوال فإن إكتساب هذه الهوية يجر على الكتاب مشكلات لا حصر لها، أشدها خطورة هو المشكل الأمني، فالكاتب الذي يمارس نقدا مباشرا لكتلة سياسية بعينها ، أو لسياسي بعينه سيضع نفسه ـ بإرادته ـ هدفها سهلا لـ ” صكاكة” هذه الكتلة السياسية أو ذاك السياسي الذي تناوله الكاتب بالنقد او بكشف العورات..
ولكم أن تتصوروا الخانق الذي يضع الكاتب فيه نفسه أذا علمتم أن “كل” الكتل السياسية والساسة تمتلك أو تتعامل مع من يجيدون الـ”الصك” سيما الكاتم منه!…
شخصيا اتعرض وتعرضت لمرات عديدة الى تهديدات ومشكلات، ووعيد و(نذبح ونسلخ) ، من أتباع سياسيين أنتقدتهم نقدا موضوعيا، وبعض التهديدات كانت جدية وليس للتخويف فقط، غير عابئين بحقيقة اني مرأة، والمرأة لها موقعها الخاص في مجتمعنا الإسلامي، وتخلى بعضهم عن القيم العربية، والأخلاق العراقية وهم يمارسون هواية التهديد مع مرأة..!
كل هذا حصل لأني وغيري من الكتاب والإعلاميين، وجهنا نقدا مسؤولا وليس نقدا تسقيطيا..فماذا يعني هذا..؟
للأجابة لابد من القول أن للموضع المطروح هنا وجهين، الأول يتعلق بمفهوم وفهم وتفهم النقد من قبل الساسة وكتلهم السياسية، والثاني يتعلق بالكتاب والإعلاميين أنفسهم..
في الوجه الأول فأن مفهوما لتقبل النقد لم يتأسس عندنا بعد، وكل ساستنا يعتقدون بأن أي منهم يمتلك وحده مفاتيح الحقيقة، وأن ما سواه على خطأ أو على الأقل لا يفهم شيئا .!
أستمعوا الى أحاديث وتصريحات ساستنا وستكتشفون أنهم جميعا يشتركون في الأنا العالية، وشاهدوا حواراتهم في الفضائيات، إذ مع أن معظمها فارغ من محتوى مفيد، لكنها مليئة بعبارات تدل على الفردانية والشعور بالعلو والنظر الى الآخرين من الطابق الأعلى لفندق الرشيد..!
وبالمقابل وفي الوجه المتعلق بالكتاب والإعلاميين ، فإن منهم من يسرف بالنقد الى حد الفحش بالقول، وبعضهم يلجأ ـ ولفراغ كنانته، ولتيبس يراعه ـ الى السباب والشتيمة والنيل من الساسة عبر صفاتهم وحياتهم الشخصية، ومنهم ساعة يمسك بالقلم أو بالـ ” كي بورد ينسى نفسه ويطلق العنان لخياله أو لبذائته بلا تبصر أو بصيرة أو مسؤولية…
إننا إزاء وضع ضار بالمشهد السياسي والإعلامي على حد سواء، ويتعين على طرفي الموضوع أن يغادرا هذا الواقع اللامنتج ، فالمهاترات الإعلامية ويقابلها في الطرف الآخر النزق السياسي، لا يمكن أن يبنيا إعلاما نظيفا مفيدا للعملية السياسية، بل سيكون ذلك معطلا لكل ما هو مفيد، وسيضيع المفيد في زحمة المهاترات!!
النور لا يضر العيو