بقلم : حسن المياح …
《 الرفقة هي صحبة طريق ، ومصاحبة إجتماع تفاعل سلوك ….. والأخوة هي بذرة ولادة ووحدة نشوء ، وإجتماع تربية وصلاح تهذيب ، في عالم التكوين وعلاقات الوجود 》
حق للعلمانيين والمدنيين والليبراليين ( بما هم إنتماء لأنظمة إجتماعية سياسية وضعية ) أن يطالبوا وبقوة بفصل الدين عن السياسية ، لأنهم لم يعيروا للقيم الخلقية حساب أساس وجوهر ، بل ولا حتى إعتبارآ ، والتعامل عندهم هو تحقيق منافع ذات إستئثارآ وآحتكارآ ، لذلك يسهل عندهم الإنحراف لما تتطلب مصالحهم سلوكه طريقة تعامل وتصرف . والمباديء عندهم هي طبخة مزاج يسيل لعابه حفنة شعارات كاذبة زائفة ، خادعة مزركشه ، منظرها وشكلها الخارجي يجذب لما فيه من حلاوة كذب ، وطلاوة غش ، وجوهرها وباطنها لو إطلعت عليهما لوليت من خبثهما فرارآ ، ولملئت من عمالتي إستئثارهما وآحتكارهما وحقدهما رعبآ …. تلك هي مدنيتهم البالية المنبطحة ، وعلمانيتهم الخاوية المضطجعة ، وما يدعون اليه من ليبرالية سائبة مترنحة ، بإنفلات وسوء سلوك عملي على أساس الحرية ، فيما هم عليه من نظرية وتطبيق …..
وكذلك هي الأحزاب الدنيوية تأسيسآ وغاية ، لما هي عليه من تسيب وإنفلات وإنحراف ، عندما تتأسس على أساس براجماة ذات ، التي تسوغ كل الوسائل المتاحة لما هي عليه إلتزامآ مكيافيليآ أسلوب تعامل وطريقة تصرف مما يحقق الغاية في منفعة الذات ، وإن جانبت نبالة القيم الخلقية الشريفة المؤدبة الرفيعة السامية علو تعامل ، وسمو تصرفات ، ما دامت الغاية تسوغ وتتيح وتبرر أي وسيلة تستخدم مهما كان لونها ، وأي واسطة تستعمل مهما كان شكلها … لأن المهم النتيجة من دون إعتبار لما هي المقدمات ، وفقآ لقاعدة الإرتكاز على الإنحراف والخيانة ، إذا تطلب الأمر ذلك …. وما أكثر الأمور عندهم التي تتطلب وتحتاج الإنحراف سلوك تعامل ، والخيانة طريقة تصرف …… والرفقة عندهم كإصطلاح حزبي وسياسي هو بمثابة اللفظ الفارغ عند إطلاق النداء ، وهو التعبير الساذج الذي لا معنى له ( كما هو إعتقاد الوضعية المنطقية عند تعاملها مع القضايا ) كصيغة تعامل إنتماء …. لأن الشيء الذي يخلو من محتواه ، لا قيمة له ، وهو الكذب والخطأ ، كما يقول الأستاذ ” آير ” الفيلسوف العالم إمام المدرسة الوضعية المنطقية ، الذي يعتبر الجملة التي لا معنى لها ، والتي لا تحقق وجود واقع لها ، أنها قضية كاذبة ، وهي الخطأ بعينه ، وكذلك هي القضايا الميتافيزيقية عند المدرسة الوضعية المنطقية ، أنها ليست قضايا ، لأنها لا تخبر عن وجود واقع محسوس . وعليه فلا إعتبار للقيم الخلقية بما هي تعبير عن قضايا معنوية ، لا وجود مادي لها في الواقع الخارج يرى أو يحس . و” الخيانة ” هي الأخرى كسلوك تعامل ، من ضمن القضايا المعنوية الخلقية التي لا وجود واقعي مادي لها في الخارج …… والرفقة هي كذلك من جنس القضايا المعنوية التي لا واقع خارجي لها . فالرفقة والخيانة سواء ، ليستا قضية ، فلا إعتبار لهما ، ولا جذب إنتباه أن تخون أو لا تخون ، فهما سيان ، وأنهما ليست قضايا ، ولا معنى لهما ……
هكذا يلوثون الرفقة ، ويمجدون الخيانة والإنحراف ، الماديون الدنيويون الذين ينتمون الى الأحزاب الدنيوية المادية ، والى العلمانية والمدنية والليبرالية ، وما شاء الوضعيون من إنشاء وتأسيس تشكيلات وتسميات خلابة براقة ، لا قيمة حقيقية لها ، ولكنهم يتعاملون معها على أساس أنها قضايا لها معنى ، ولها وجود خارجي واقع ، لأن المصلحة تتطلب ذلك …. وإلا فهم في إشكال تناقض …..
فلا تعجب لما ترى ، أو تسمع ، أو تقرأ ، أن الخيانة تتفشى بكل وضوح وجهر وعلن بين القادة الرفاق أنفسهم في الحزب الواحد ، فضلآ عما هي بين الأحزاب المتنافسة والمتصارعة في الساحة السياسية ، وأنهم المتجاهلون الرفقة ( التي هي عندهم كلمة خاوية ) التي يستخدمونها تعبيرآ عن علاقة تعامل لفظآ فيما بينهم ، وليس إعتمادها سلوك صادق دائم في علاقات وجوداتهم الحزبية ، لأن الغاية تسمح وتبرر الواسطة ، وتتيح وتمرر الوسيلة ، من أجل براجماة الحزب والذات المتحزبة ……
فعن أي رفقة ( بما هم عليها من فهم ) يتحدثون ، ويتمشدقون ، ويتفاخرون ، ويمجدون ، ويقولون نحن رفاق …… ؟؟؟
حسن المياح – البصرة .