بقلم : علاء الخطيب …
سئل الكاتب الفرنسي جان جاك روسو: ما هو الوطن؟
فقال : ” الوطن هو الا يبلغ مواطن درجة من الثراء ما يجعله قادراً على شراء مواطن اخر، والا يبلغ مواطن درجة من الفقر ما يجعله مضطرا لبيع نفسه..
الوطن مصطلح مغري يستفز المشاعر ويستنفر العاطفة.
البعض يعتبره الارض، والاخر يحسبه التاريخ والذكريات ومسقط الرأس وثالث يعتقد انه بيتك وبيت جارك ومدينتك او الحي الذي تسكنه.
ربما تكون كل هذه التوصيفات صحيحة، لكن ما هو اهم منها هو الحرية والكرامة والعزة وسيدهم القانون .
فالمتنبي له رأي يتماهى مع الكرامة والعزة في تعريف الوطن وربما يكون هذا الرأي قفزة متقدمة في تعريف مفهوم الوطن ، فالشاعر والمثقف ينظر بطريقة مختلفة عن السياسي، نظرته تحمل شيء من الرومانسية في التعريف ، فيقول ابو الطيب :
وكل إمرئ يولي الجميل محببٌ **** وكل مكان ٍ يُنبت العز طيب.
صناعة وعيٍ جديد للوطنية يتطلب منا اعادة صياغة المفاهيم والتعاريف والابتعاد عن لغة الاستغراق في الوهم والشعارات السياسية الفضفاضة.
حينما نريد ان نغرز في وجدان شبابنا حب الوطن علينا ان نبتعد عن التعريف السياسي او الفلسفي للوطن ، وعلينا ان نؤسس الى وعي جديد للحب بالمكان الذي نعيش فيه، فالوطن هو المكان الذي يحقق لهم السعادة والكرامة في العيش.
وهذا ليس ببعيد عن مفاهيمنا وادبياتنا العربية وليس ببعيد عن قول الامام علي عليه السلام ” ليس ببلد احق بك من بلد ، خير البلاد ما حملك “
الهروب من الوطن والقاء النفس في اتون الموت هو الشعور باللاوطن .
تعريف الوطن لا يحتاج الى منظرين او فلاسفة ولا حتى سياسيين يلقون علينا محاضرات في حب الوطن والوطنية، الوطن ابجدية فطرية يحفظها من يشعر بها ، كلاغنية الجميلة التي تلامس الوجدان وتستقر فيه، الوطن يمكن ان نسمعه في الشارع بشكل يوميات من خلال الكلمات التي يرددها الإنسان بكل بساطة : حق، أمان، حرية، كرامة، شعور وفخر بالانتماء. وهي دلالات شعورية
وبناءً عليه. فان الوطن هو كيان سياسي جغرافي اجتماعي يولد أنماطاً من الشعور بالكرامة والحق بالثروة والامان والانتماء . وإذا كان الإنسان فاقداً لهذه الأنماط من الشعور فإن المكان السياسي الجغرافي الاجتماعي الذي يعيش فيه ليس وطناً.
وحينما يشعر الانسان انه يتمتع بخيرات المكان الذي يعيش فيه بشكلٍ متساو مع الاخرين وانه له قانون يحميه من غائلة التعدي، سيتولد لديه شعور بالمواطنة والوطنية .
الوطنية مفهوم اخلاقي يعني الانسان وانسانيته ، وهي عملية تعلق عاطفي ممزوج بالفخر . فحب الارض والدفاع عنها والتضحية من اجلها جزء من الوطنية، وليست هي الكل . من هذاكله نستنتج ان الوطن والوطنية هي شعور انساني ينتج عن العدل والمساواة .
واذا ما غاب هذان العنصران عن المعادلة ، حينها سنتحول الى معادلة عكسية، يتم من خلالها تدمير الوطن .
سلب الحقوق والكرامة من قبل السلطة يفضي الى تدمير اسس بناء الوطن
ولهذا كل مناقشة حول الوطن تخرج عن الحقوق والقانون. والكرامة بتوصيفاتها الطبيعية العفوية التي يذكرها الناس العاديون هي مناقشة عبثية لاقيمة لها والتفاف خبيث على الطبيعة العفوية للوطنية .