بلاوي نيوز …
تسير مجريات الأحداث في العراق عكس ما تشتهي سفن الشعب، فرغم مضي نحو شهرين على إجراء الانتخابات التشريعية في 10 تشرين الأول الماضي وإعلان نتائجها بانتظار مصادقة المحكمة الاتحادية عليها، فأن بوادر المماطلة في تشكيل الحكومة تبدو واضحة بصورة جلية، ولعل التشظي الحاصل بين الكتل السياسية بشكل عام سيكون أول معرقل لولادة حكومة جديدة.
أزمة النتائج
إعلان نتائج الانتخابات أثار أزمة كبيرة، فكتل اعتبرتها نتائج حقيقية وصريحة، فيما أخرى أعلنت رفضها بشكل تام وأشارت إلى وجود “عمليات تزوير وتلاعب” حتى مع إعادة الفرز يدوياً الذي أظهر تغييراً طفيفاً في النتائج، الأمر الذي يطرح تساؤلات حيال الخيارات التي قد تلجأ إليها تلك الكتل وسط تخوف من إعاقتها تشكيل الحكومة.
وأبقت النتائج التي أعلنت الثلاثاء الماضي، التيار الصدري في المرتبة الأولى بـ73 مقعداً برلمانياً من أصل 329، ثم تقدم بزعامة محمد الحلبوسي بـ37 مقعداً، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بـ33 مقعداً، يليه الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ31 مقعداً، وتحالف كردستان بـ18 مقعداً، أما تحالف الفتح بزعامة هادي العامري فلم يفز إلا بـ17 مقعداً.
توافق وأغلبية
على الرغم من عقد عدة اجتماعات ومباحثات بين قوى سياسية مختلفة، لكنها جميعها لم تفض إلى وجهة الحكومة الجديدة، حتى الاجتماع الأخير الذي احتضنه منزل العامري الخميس الماضي، بين الصدر وقادة الإطار التنسيقي الذي يضم كتل شيعية عدة أبرزها (الفتح، دولة القانون، قوى الدولة، ائتلاف النصر..)، لم يحسم جدلهما حول شكل الحكومة، فالإطار بقى مصر على حكومة توافق، والصدر يريدها أغلبية.
التيار والإطار
يؤكد القيادي في التيار الصدري عصام حسين، إن التيار عازم على تشكيل حكومة أغلبية وطنية من دون تدخل خارجي.
ويقول حسين إن “موقف زعيم التيار السيد مقتدى الصدر كان واضحاً حتى في اجتماعه مع قادة الإطار بمنزل العامري، حيث أكد لهم عزمه تشكيل حكومة أغلبية وطنية”.
ويشير القيادي في التيار الصدري إلى أن “الكتل والشخصيات التي كانت تصف الحكومات التوافقية بالمدمرة للواقع المعيشي والاقتصادي والعسكري في العراق، ذاتها تطالب اليوم بالتوافق!”.
ويردف حسين، “حال تم تشكيل حكومة توافقية فأن التيار سيختار المعارضة”.
من جهته، يعتقد عضو الإطار التنسيقي كاطع الركابي، أن الحديث عن شكل الحكومة المقبل سابق لآوانه، حيث يقول “لا يمكن لأي أحد أن يتنبئ بشكل الحكومة المقبلة ما لم تصادق المحكمة الاتحادية البرلمان الجديد”.
ويضيف الركابي، “هناك طرحان في الساحة السياسية حالياً، يتمثلان في التوافقية والأغلبية، ونأمل أن يكون التوافق هو الخيار في الكثير من القضايا، ومنها الحكومة”.
ويذكر أن “الإطار قدم شكوى للمحكمة الاتحادية ضد نتائج الانتخابات، لكن المحمة أجلت النظر في الشكوى لغاية 13 من الشهر المقبل.. نأمل من القضاء يقول القضاء كلمة الفصل في هذا الموضوع”.
حكومة ومعارضة
وتعليقاً على ما تقدم، يوضح المحلل السياسي غالب الدعمي، بشكل مفصل آلية تشكيل الحكومة بالأغلبية أو التوافقية، حيث يقول”لتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس جمهورية يحتاج الأمر إلى 211 مقعداً، وهذه المقاعد لا تتحقق إذا ذهب التيار الصدري وحده مع المكون السني او الكردي، كما أنها لا تتحقق إذا ما ذهب الإطار التنسيقي خلال الجلسة الاولى مع الكرد او السنة، وهذا يجعلنا نرجع باتجاه أن يأتلف الشيعة كلهم أو بعضهم”.
ويضرب الدعمي، مثلاً على ذلك، بالقول “إذا ائتلف دولة القانون تحديداً دون الإطار مع التيار الصدري فمن الممكن تشكيل الحكومة، وهنا الحديث عن اغلبية شيعية وليست أغلبية سنية؛ لأنه هناك الآن مفاوضات جادة ضمن إطار السنة نحو تشكيل كتلة برلمانية واحدة بحدود 60 الى 65 مقعداً من اصل مقاعدهم التي تربو على الـ80 مقعداً”.
ويكمل حديثه، “الكرد الآن يرغبون بالأغلبية لكي يحافظوا على رئاسة الجمهورية والمقصود هنا بالكرد هو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولأن تاريخياً حكومة إقليم كردستان للديمقراطي، ورئاسة العراق للاتحاد الوطني الكردستاني، وبما أن الاتحاد لم يحصل على مقاعد تؤهله للحصول على رئاسة الجمهورية والتي هي بحدود 30 مقعداً نيابياً، وهذا يؤشر إشكالية كبيرة في هذا الجانب، وبحسب هذه المعادلة فأنه ليس من السهولة القول أننا سنذهب لحكومة توافقية، أو أغلبية”.
ويتابع، “قد تكون أغلبية شيعية أو توافقية سنية، وهنا ممكن أن تنجح الاغلبية مع الإطار والتيار، او تكون أغلبية شيعية بمعنى أن تشترك كتلتين شيعيتين معاً، ثم تكون الاغلبية الشيعية مع أغلبية سنية مثلاً تقدم مع بعض المستقلين، وأيضاً هناك من الكرد من يشكل أغلبية كردية وبالتالي تكون اغلبية حكومية، يقابلها أغلبية معارضة أيضاً وطنية”.
ويشير الدعمي إلى أنه “من الصعوبة أن يذهب التيار الصدري وحيداً أو الإطار وحيداً في ظل هذه الظروف ما لم تدخل فواعل خارجية لتهدئة الاوضاع بين الفعاليات الشيعية تحديداً”.
حكومة مخيرة أم مسيرة؟
ويتم المحلل السياسي غالب الدعمي، حديثه بالقول أن “كل الحكومات مسيرة وغير مخيرة، والأمر ليس بيدها وأنما يعود لزعمائها، وتحديداً الزعامات الشيعية التي لها تأثير في المشهد السياسي العراقي .