بقلم : هادي جلو مرعي …
الرموز في العالم لاتعد ولاتحصى، وهناك رموز بشرية تترك أثرا يدهش الناس، ورموز من أفكار وقيم وكتب دينية، وأعضاء بشرية ونباتية وحيوانية وجمادات، يعتقد الناس برمزيتها العالية، فيتبعونها، أو يلتحقون بالأتباع الذين يحرصون على توفير أجواء روحية تمهد لعلاقة دائمة بها، ويؤمن الناس بها لجهة التقرب من الرب، أو لجهة نيل المراد، ومنهم من يبحث عن الطمأنينة التي تتأتى من هذا الإيمان، وتحويل العلاقة بين الرمز والفرد الى علاقة تكافلية، فيتكفل الرمز بتوفير الراحة النفسية للفرد، بينما يحرص ذاك الفرد على خدمة الرمز، فمن دونه لاقيمة للحياة بظنه، وهي زائلة وبائدة وبشعة لارجاء فيها، ولاأمل ولامستقبل.
الرمز في معتقد الناس ليس ترفا، وهنا نحتاج لبعض الوضوح مع أنفسنا حين نهاجم ااذين يقدسون رموزهم، وحين نهاجم الرموز ذاتها أحيانا أخرى، هم يظنون تلك الرموز مبعث راحتهم النفسية وطمأنينتها الكاملة في مواجهة القلق من الحياة، ومن الغيب البعيد غير المحسوس، وهم يشعرون به، ولكنهم لايحسونه كما تحس العين والأذن، وقد يرتقي الرمز ليكون الواسطة مع الرب، ولايتحقق رضا ذلك الرب، ولاالقرب منه إلا برمز يسحبهم الى ذلك الملكوت البعيد الذي يؤمنون أنه قادر بالفعل، وبإرادة عليا أن يصلهم به، وكما إنك لاتستطيع الوصول الى حاسوبك الشخصي إلا من خلال رمز سري تضعه بنفسك، وتطمئن له تماما، ولاتستطيع ولوج هاتفك المحمول آلا من خلال رمز سري، فإن الرموز البشرية هي التي تصلك الى تلك الطمانينة، كما تعتقد، ويعتقد مليارات من البشر.
وحين نحاول المحافظة على رموزنا يمكن أن نرتكب الأخطاء ونضيع في المتاهة، ونقدم ونؤخر في الحروف، وقد نقرأها خطأ، ويكون فادحا أحيانا، وربما تتيه أبصارنا فنسأل عن (فوائد الهلال) ؟ بينما هو إسم شخص هو (فؤاد هلال) وقد يأخذنا خطأ طباعي الى المجهول، وأتذكر إن مخرجا تلفزيونيا شهيرا نهاية السبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كان يروم السفر الى إيطاليا لحضور مهرجان فني، وكان بحاجة الى كتاب رسمي من الدائرة المعنية، وكانت دوائر الدولة تضع في مقدمة كتبها، أو في ختامها حديثا تراه مقدسا من أحاديث سلطان ذلك الزمان، وحين تلقف المخرج كتاب الإيفاد فرحا لم يكن يعرف ان كارثة قد تلحق به في أسفله، وحين قرأ الكتاب وجد حديثا معتادا يمجد رمز ذلك الزمان، ونصه (صدام حسين رمز لكل العراقيين) لكن سوء الحظ جعل الآلة الطابعة تمر على الورقة متجاهلة حرفي الصاد والدال فخرجت العبارة القاتلة ( ام حسين رمز لكل العراقيين) فتجمد صاحبنا مكانه وكانت قصة مايزال يتذكرها، ويرتجف.
السابق بوست
القادم بوست