بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
صار (حمد) رمزا مؤثراً في التعبير عن هموم العراقيين ومآسيهم، وفي مقاطعهم الشعرية المرتجلة باللهجة الدارجة. وكان قبل هذا وذاك رمزا من رموز الشفاهيات الجنوبية المروية على لسان (فدعة) وحكايتها مع حمد الحمود. ثم ذاع صيته بقصيدة مظفر النواب (الريل وحمد)، لكن اسمه طغى الآن على واجهات وصفحات منصات التواصل، وتحول إلى رمز مشفر للتعبير عن الخذلان والفشل السياسي، والتعبير عن الإحباط الذي أصاب الطبقة الفقيرة المهمشة، فتفجرت قريحتهم بسيل هائل من المقاطع الشعرية المعبرة عن حالة اليأس والحزن والألم. .
قد يرمز (حمد) للشعب العراقي، وقد يرمز لأي قائد من قادة العملية السياسية، وربما يمثل مجلس النواب، أو لكيان سياسي بعينه داخل البرلمان، لكن الصفة الطاغية لحمد باتت تمثل سكان جنوب العراق، الذين يواجهون معاناة إنسانية شديدة ومتزايدة، حيث الإهمال والجائحة وغياب الخدمات، وانتهاكات حقوق الإنسان. والحقيقة إن (حمد) شاهدٌ ذكي على عدة مستويات، على مستوى الحدث السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولحمد أيضاً ذاكرته الجماهيرية؛ فهو من هذه الحاضنة التي نشأت فيها مآسي العراقيين بمختلف تنوعاتهم، ولديه القدرة على استثمار الرمزية في صوغ رسالة الوعي التي هي رسالة موجهة بالدرجة الأولى الى قادة العراق في المرحلة الراهنة. لهذا السبب يثير اسمه هذه الأيام الدهشة والفزع في قلوبهم، فقد جاء تكرار اسمه معاصراً ومرافقاً لأحداث يومنا هذا، بل ويمكن القول إنه سيظل يرافقنا لسنوات طويلة، وربما يمكننا أن نستحضره ليقدم شهادته عن تقلبات الاوضاع. فحمد يمثل الوعي الجماهيري الكاشف الذي يستشرف الآفاق، آفاق مستقبل مبهم يراه حمد كل يوم في إفرازات العملية السياسية المتعثرة. .