بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
الحكاية التي ارويها لكم هنا حكاية واقعية تعكس مستوى الإدراك المتدني لدى بعض الدخلاء على عالم السياسة. .
بطل هذه الحكاية هو المدعو (x) من الذين تنطبق عليهم مقولة جورج برنارد شو: (هو لا يعرف شيئا، ويظن أنه يعرف الكثير، إذاً فهو يمتهن السياسة).
جاءني (x) ذات يوم طالبا مني نقل الموظف (حمودي) من ساحة مطار بغداد الى مكتبي في مبنى المطار، وكان بدرجة (حرفي)، ويحمل شهادة الابتدائية، فنقلته على سبيل التجربة، وكانت مهمته مقتصرة على التنظيف وتوزيع البريد. .
بعد ستة اشهر، وبينما كنت في ضيافة أحد النواب، كان (x) من ضمن المدعويين، وكنت في حينها مشغول البال شارد الذهن بسبب تراكمات المشاكل الفنية والتشغيلية في مطار بغداد. سألني أحدهم عن الوزارة وهمومها، فقلت له: معذرة، انا منشغل جداً هذه الأيام بسبب وجود خلل في نظام الهبوط الآلي (Instrument Landing System). وبسبب تردي مستوى نظام إضاءة المدرج، وعطل احد رادارات الرقابة الجوية. .
كان (x) يجلس بعيدا متغطرسا في جلسته البرمكية، وقد تهدلت شفته السفلى على لحيته، في وضع يوحي ان كلامي لم يرق له ولم يعجبه، فقال لي بسخرية لا تخلو من السذاجة: أي وشتريد نسوي لك ؟؟. مو دزينه لك حمودي، لعد شتريد اندز لك بعد. .
تذكرني سخرية السياسي (x) بالمثل الروماني الذي يقول: ماذا يعرفُ الحمار عن غناءِ العندليب ؟. فالاخ من كل عقله، يتصور ان حمودي عالم لا يُشق له غبار من علماء إدارة المطارات في الشرق الأوسط. هذا هو مبلغ إدراك معظمهم، وهذه حدود تصوراتهم، فحين يقول العالم لا أدري، يصرّ الجاهل على إدعاء العلم. ومن أسوا مصائب الجهل أن يجهل الجاهل أنه جاهل. فما بالك بالذين يؤمنون بنظرية (صخّم وجهك وصير حداد) ؟. .