بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
يقول آينشتاين: (السؤال الضبابي الذي يدفعني إلى الجنون أحياناً: هل أنا المجنون أم الآخرين ؟)، والسؤال المُحيّر الذي يدفعنا نحن إلى الجنون له علاقة مباشرة بالأرقام الضبابية التي ظلت تتقافز صعوداً ونزولاً حول التكاليف الإجمالية لمشروع مد أنبوب نقل النفط العراقي من البصرة الى العقبة لمسافة 1700 كم تقريبا. .
ولكي نرسم صورة أوضح عن تلك التكاليف لابد من استعراض تكاليف المشاريع العالمية الأخرى، ومقارنتها مع مشروع (بصرة – عقبة). .
فقد بلغت تكاليف خط أنابيب البحر الابيض المتوسط (eastmed) حوالي 6.79 مليار دولار أمريكي فقط، رغم انه يمتد لمسافة 1900 كم، ويمر بمناطق جبلية وعرة، ثم يمر بمسطحات بحرية تزيد أعماقها السحيقة على 3000 متراً. .
وبلغت تكاليف مشروع توسيع خط الأنابيب الكندي (ترانس ماونتن trans mountain) حوالي 7.4 مليار دولار فقط، ويتضح من أسمه انه يمر عبر الجبال الشاهقة لمسافة 1400 كم من ألبرتا إلى ساحل كولومبيا البريطانية في كندا، وينتهي عند منصات التصدير بين المحيط الهادي وجبال الروكي. .
وكان من المؤمل ان تتولى (شركتا دومنيون إنيرجي ودوك إنيرجي) تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي على الساحل الأمريكي المطل على المحيط الأطلسي لنقل الغاز الطبيعي عبر ويست فيرجينيا وفيرجينيا ونورث كارولينا بطول 1200 كم بتكلفة تصل إلى 8 مليارات دولار فقط. .
اما أنبوب (سوناطراك) لنقل الغاز الجزائري إلى أوروبا عبر البحر الابيض المتوسط وصولا الى السواحل الأسبانية فقد بلغت تكلفته حوالي 240 مليون دولار فقط، أي أقل بقليل من ربع مليار. .
اما مشروع (تابي TAPI) لنقل الغاز، والمسمى بالأحرف الأولى للدول الأربع المشاركة: تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند، ويبلغ طوله 1814 كيلومترا، يمر منها أكثر من 800 كيلومتر عبر الجبال والوديان الأفغانية. فان تكلفته الاجمالية بلغت عشرة مليارات دولار فقط. .
في حين ظلت أرقام التكاليف الاجمالية لمشروع نقل النفط العراقي من البصرة إلى الاردن يكتنفها الغموض، واغلب الظن انها ستكون اعلى بكثير من تكاليف كل المشاريع التي مر ذكرها، رغم ان الانبوب العراقي – الاردني يمر بمنطقة صحراوية رملية هشة ومنبسطة وخالية تماما من الانهار والوديان والمنخفضات، ويُقال ان تكلفته الإجمالية قد تصل الى ( 18 ) مليار دولار. .
فقد ظلت الضبابية تطغى على المشهد حتى ساعة اعداد هذا التقرير، ونخشى أن نحمل بندقية السؤال فتقتلنا رصاصات الأجوبة . .