بقلم : أياد السماوي ..
لا زالت ذاكرة العراقيين والعالم بأسره تحتفظ بتلك اللحظات المجيدة التي سقط فيها صنم الديكتاتور في ساحة الفردوس لتدوسه أقدام العراقيين الذين ابتهجوا برحيل أعتى نظام فاشي ومجرم عرفه الشعب العراقي في تاريخه الحديث .. فيوم التاسع من نيسان الخالد عام 2003 ليس كباقي الأيام في حياة العراقيين الذين عانوا من الاستبداد والاضطهاد والقتل والتهجير , بل أنّ ما حدث في هذا اليوم الخالد لم يكن مجرّد سقوط طاغية تفنّن بقتل أبناء شعبه , بل سقطت معه دولة المنظّمة السرّية التي أنشئها حزب البعث الفاشي وسقطت معه الدكتاتورية والاستبداد والقتل والقهر الذي رافق نظام البعث الدموي لخمسة وثلاثون عاما ..
كاتب هذه السطور من الذين عاصروا ولادة هذا النظام الدموي المجرم منذ لحظة وصوله للسلطة وحكم البلد عام 1968 , وحتى سقوطه في مثل هذا اليوم الخالد من عام 2003 , وكنت شاهدا على جرائم هذا النظام التي اقترفها بحق العراقيين من قتل وتعذيب وتهجير وانتهاك للحرمات وتدمير لاقتصاد البلد وبنيته التحتية من خلال حروب الديكتاتور العبثية .. وكنت كأبناء جيلي الذين عاشوا قسوة هذا النظام ودمويته وتسلطه , وانتظروا سقوط هذا النظام الفاشي لينعموا بالحرّية والرفاه والعيش الرغيد , لكن وللأسف الشديد جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن , فحلم العراقيين بدولة المؤسسات والقانون ودولة الرفاه والحرّية والعيش الرغيد والخلاص من الظلم والقهر والحرمان التي كان ينشدونها , قد تبّخر مع سيطرة أحزاب السلطة الحالية على مقاليد الحكم , فبدلا من إرساء قواعد دولة المؤسسات والقانون , وضعت قواعد دولة الفساد والمحاصصات الطائفية والقومية وقواعد دولة العصابات الخارجة عن القانون , وبدلا من ديكتاتورا واحد ولّى إلى مزبلة التاريخ هو ونظامه الدموي , أصبح الآن لدينا ديكتاتور وطاغية لكل مكوّن من مكوّنات الشعب العراقي , وللأسف الشديد أنّ ما تبّقى من نظام دولة القانون يحتضر الآن لصالح دولة المحاصصات والفساد ودولة الكصكوصة التي باتت تهدّد مستقبل الشعب العراقي .. لتستمرّ معاناة العراقيين من حكّامهم الفاسدين .. وأخشى ما أخشاه بعد تسعة عشر عاما من سقوط الديكتاتورية , أن تستبدل دولة المنظمّة السرّية بدولة الكصكوصة , خصوصا بعد نشوء التحالف الثلاثي ..
أياد السماوي
في التاسع من نيسان الخالد 2022