بقلم : أياد السماوي …
صدق من قال أنّ شرّ البليّة ما يضحك , خصوصا عندما تتفق السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تلعبا دور البلطجي المتمرّد على الدستور والقانون , وهنا الطامة الكبرى , فالحكومة والبرلمان يعرفون جيدا أنّ ما ورد في المادة ( 60 / ثانيا ) من الدستور والتي نصّت على ( مقترحات القوانين تقدم من عشرةٍ من أعضاء مجلس النواب ، أو من إحدى لجانه المختصة ) لا تنطبق على مقترحات القوانين التي فيها جنبة مالية , لأنّ الدستور العراقي قد فرّق بين مشروع القانون وبين مقترح القانون اللذان وردا في المادة ( 60 / أولا وثانيا ) .. لأنّ الدستور العراقي قد أقرّ نظاما دستوريا برلمانيا قائما على مبدأ توزيع السلطات واحترام كلّ مؤسسة دستورية سلطات المؤسسات الأخرى , وقد حدّد الدستور العراقي على سبيل الحصر صلاحيات مجلس النواب في المادة (61) منه , ففي مجال التشريعات أناط الدستور بمجلس النواب صلاحية تشريع القوانين الاتحادية استنادا إلى مشروعات القوانين التي يقدّمها مجلس الوزراء بموجب المادة (80) من الدستور , وهذه الصلاحية هي من الصلاحيات الحصرية التي أناطها الدستور بالسلطة التنفيذية حصرا , حينما خوّل رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء صلاحية تقديم مشروعات القوانين استنادا لأحكام المادة ( 60 / أولا ) من الدستور والتي نصت على ( مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ) .. فالمقترح هو غير المشروع , إذ ينبغي أن يقدّم المقترح إلى الجهة التي تملك صلاحية صياغته في مشروع قانون وهو مجلس الوزراء بعد مروره بسلسلة من الإجراءات الإدارية والتشريعية في وزارات ومؤسسات حكومية , قبل أن يناقشه مجلس الوزراء ويقترح على مجلس النواب تشريعه .. وهنالك قرارات سابقة للمحكمة الاتحادية العليا في هذا الشأن حيث فرّقت المحكمة الاتحادية العليا بين مشروع القانون ومقترح القانون ..
أمّا أن يقوم مجلس النواب العراقي بإدراج فقرة القراءة الأولى لمقترح قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بناء على مقترح من اللجنة المالية , بعد قراري المحكمة الاتحادية العليا المرقمين ( 121 / اتحادية / 2022 , 97 / اتحادية / 2022 ) , فهي ليست البلطجة فحسب بل هو الإصرار على سرقة ونهب أموال الشعب العراقي , فليس من المعقول أن لا تعرف رئاسة مجلس النواب أن تقديم مقترح القانون المذكور أعلاه ومناقشته من قبل مجلس النواب قبل إرساله إلى مجلس الوزراء , هو خرق فاضح للدستور وتحدّ صارح لقرارات المحكمة الاتحادية العليا الملزمة والواجبة التنفيذ من قبل كافة السلطات .. إنّ ما أقدمت عليه رئاسة مجلس النواب العراقي بتقديمها مقترح هذا القانون للمناقشة في جلسة مجلس النواب النواب ليوم غد الخميس الموافق 19 / 5 / 2022 , لا يندرج في خرق الدستور فحسب , بل بعدم الالتزام والتحدّي المتعمّد لقرارات المحكمة الاتحادية .. فكيف تكون البلطجة إذا لم يكن هذا الفعل المخالف للدستور ولقرارات المحكمة الاتحادية الواجبة التنفيذ هو البلطجة ؟؟؟ هنيئا للعراقيين بهذا الإصلاح البلطجي ..
أياد السماوي
في 18 / 05 / 2022