بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
يحق لكل العاملين في البحر ان يحزنوا ويزعلوا منذ الآن بعدما وصل حجم التردي والانهيار في مؤسساتنا البحرية إلى المستوى الذي صارت فيه الدرجات البحرية تُمنح للذين لم يعملوا يوماً واحداً في البحر، ولم يسبحوا في النهر، ولم يركبوا زورقا ولا قاربا ولا حتى مشحوفاً. .
مع وجوب الانتباه إلى ان عبارة (مؤسساتنا البحرية) تشمل كل الاقسام والشركات العامة ذات العلاقة بهذا المضمار، بصرف النظر عن انتماءها الوزاري، ومن دون تحديد او تشخيص. .
لا شك ان مستويات الاداء تختلف من جهة إلى أخرى، لكن المشهد العام لا يبشر بخير، ولا يعكس أي بادرة أمل في نهاية هذا النفق الأسود. .
قبل بضعة أيام عقدت الموانئ العراقية اجتماعاً بحرياً ومينائياً، كان فيه معاون مدير قسم الموانئ والنقل البحري، هو القطب الذي تبوأ مركز الصدارة في الاجتماع، رغم انه كان يعمل في السكك، ومتخصص في علوم الحاسبات، ولا علاقة له بالشأن البحري، لكنه يشغل الآن منصب مقرر اللجنة العليا للسلامة البحرية، ويعمل ضمن الدائرة الفنية المرتبطة بعمل الموانئ، ويساعد مدير قسم الموانئ والنقل البحري في مقر الوزارة، ويشترك في معظم اللجان البحرية والملاحية، وسمعت انه سيترأس اللجنة المكلفة بإعداد مسودة مذكرة التفاهم البحرية مع الجانب الاردني. .
هذا مثال بسيط من عشرات الأمثلة التي ضاعت فيها المعايير المهنية، ولم تعد لسنوات الخدمة أية قيمة، فالخبرات والمهارات والمؤهلات سُحقت بالاقدام، ولم يعد لها وجود البتة. .
ليس الذنب ذنب هذا الرجل، ولا ذنب أمثاله الذين تسللوا هنا وهناك، فالذنب كله تتحمله الوزارات والادارات العامة، التي سمحت بتفشي هذه الفوضى، ولا تسألوني بعد الآن عن ملامح مستقبلنا البحري، حيث لم يعد لدينا أي مستقبل، ولكي لا نستسلم لهذا التصدع المستشري الآن في معظم مؤسساتنا البحرية، لابد من تدخل السادة النواب، ولابد من تدخل النقابات والاتحادات البحرية المحلية لعقد مؤتمر بحري وطني عاجل يشارك فيه رجال البحر الحقيقيين، حتى لا نفقد بوصلتنا في خضم هذه الانحرافات والتداعيات القيادية المتكررة، وبخلاف ذلك اقرأوا على مستقبلنا السلام. .