بقلم: حسن المياح ..
وكيفية التعامل معه ومعها …
《 الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحر الواعي الثائر 》 — الحلقة السادسة عشرة –**
عرض نماذج تفسيرية جزئية للنهضة والثورة والتضحية الحسينية **علينا أن نتوفر معرفة على كيفية وصول الحاكمية الى يزيد بن معاوية حتى يمكن أن يبايع يزيد بن معاوية خليفة للمسلمين ، من قبل الناس ، ومن قبل الإمام الحسين على الخصوص ….. وهذا يعني العودة الى صلح الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام مع معاوية بن أبي سفيان ، الذي هو والد يزيد بن معاوية ….. وإختصارآ أن معاهدة الصلح التي وقعت بين الإمام الحسن وبين معاوية ، هي معاهدة صلح مؤقتة ، لم يعترف فيها الإمام الحسن لمعاوية بمشروعية الخلافة له ، ولا على حاكميته ، ودونت فيها الشروط التي أتفق عليها بين الطرفين ، وكان من جملة تلك الشروط فيما يخص بحثنا هو تخلي الإمام الحسن عن الحكم لمعاوية مؤقتآ ، مقابل تعهد معاوية بالموافقة على قيام المسلمين بعملية إنتخاب من يريدونه خليفة صالحآ كفؤآ لهم ، ومعاوية قد وافق على هذا الشرط ، وأقره من ضمن الشروط التي تضمنتها المعاهدة …… والمعروف عن معاوية أنه الداهية السياسي المكيافيلي المتلون المتقلب ، الذي دومآ ما يتثعلب مكرآ وخداعآ وغدرآ ونهبآ ، والذي يتوسل كل الوسائل المتاحة التي تمكنه من تحقيق نفعه البراجماتي الذاتي والأسري ، مهما كان نوع ولون تلك الوسائل والوسائط ….. . والأمام الحسن لا يغيب عنه ذلك ، ولكنه المضطر الذي لم يهيأ الظروف لكشف حال معاوية على ما هو عليه من إنقلابات أحوال ومواقف وأفكار وسلوكات ، وأنه الذي لا يثبت على ما يقره ويتفق عليه ، وكذلك الأمام الحسن لم تتوفر عنده ولديه عناصر القوة والإمكانية أن يداوم على بقاءه الخليفة والحاكم ، بعد خلافة أبيه علي عليه السلام ، لأن الضعف الشديد قد أصاب جنده وعسكره وجيشه ، بحيث لا يمكنه أن يحقق النصر على جيش معاوية في المعركة الفاصلة بينهما ، وأنه لا يقوى على مداومة القتال لأن جيشه قد تفرق وقل عدده وضعف ، والقسم الكبير منه قد خان وغدر لما إنتقل مقاتلآ مع جيش معاوية من خلال الترغيب المعاوي الفاسد الماكر المادي النفعي ، والرشا ، وتقديم المال السحت الحرام الذي كان بحوزة سلطان معاوية ، وتحول الى معسكر معاوية ليحارب الأمام الحسن ، وحتى أن الإمام الحسن قد هدد بأن يؤخذ أسيرآ من قبل أفراد جيشه الذي تبقى معه ، مقبوضآ عليه ، ويسلم الى معاوية ، ….. ويكون سبة مهينة لما هو عليه مقام الإمامة ، وعارآ فضيحة على بني هاشم …… فإضطر الى أن يصالح بعزة وجود كريم محترم ، ووفقآ للشروط التي هو الإمام الحسن عليه السلام أملاها أن تكون بنود إتفاق المعاهدة ….. وهذا الذي حدث ، وكان ….. ولكن المكر السيء يشتغل فسادآ وإنحرافآ …. ويحيق …. ؟؟؟وأما ما عمل اليه معاوية — المنقلب اللاغي للمعاهدة على ما فيها ، والتي وضعها تحت نعليه كما هو معاوية قال ذلك عنها ، وواصفآ إياها تطبيقآ عمليآ سافرآ مكشوفآ ، معلنآ إلغاءها أمام نفس الناس الذين أقر أمامهم بأنه السائر المطيع لما فيها من شروط ، وبنود إتفاق ، وهي المعلنة لهم ، والمعروفة لديهم ، والمفضوحة عندهم — أن تكون الخلافة له وفيه ، وأنها تمتد توريثآ لها في أبناء صلبه ، ومن بعدهم عشيرته …. !!! فهذا لم يطرق ذكره أبدآ ، لا في المعاهدة ، ولا في أي محفل إسلامي آخر ….. ؛ وإنما هو من ثعلبية معاوية السياسي الداهية الماكر الشرير الخادع الغادر الذي يركب موجة إستغلال الظروف التي تساعده ، وتعينه ، وتحقق له ما يريد ، والتي هي رهينة طوع فرض دكتاتوريته الطغيانية المستبدة المتفردة سلطان حاكمية قاسية فارضة جابرة قاهرة الوحشية المفترسة لما يتعامل مع الناس المسلمين بالإرهاب ، والقتل ، وسمل العيون ، وبقر البطون الحوامل ، والتهديد ، والتجويع ، والترغيب، وشراء الذمم الرخيصة الجبانة المنبطحة بأثمان بخيسة هزيلة رذيلة ، ومعتبرة في سوق غلاء سعر مبادلة موقف لثمن …..وكان في ذلك الوقت أن الإمام المعصوم المفترض الطاعة هو الإمام الحسن عليه السلام ، وأن الإمام الحسين عليه السلام واجبه الإطاعة وتنفيذ أوامر العصمة الحاكمة التي تطاع ، والعصمة واحدة قيامآ وقعودآ ، والحاكمية هي لمن هو متصديها إستحقاقآ تعيينآ إلاهيآ ربانيآ …… وما على الإمام الحسين إلا أن يوافق أخاه الإمام الحسن الذي هو إمامه المفترض الطاعة عليه والإنقياد اليه في كل ما يأمر ويقول ، ويقرر ويرى ، ويقضي ويقدر …. . وهذه هي المثل الأخلاقية الرسالية النبيلة النزيهة الطاهرة الخالصة المخلصة ، لما يتبع خط إستقامة الإمامة في التشريع والحكم وسلوك القيم الخلقية القرآنية الرسالية الرفيعة السامية الزاهية ، إعتقادآ ، وإيمانآ ، وسلوكآ عمليآ أخلاقيآ تنفيذآ ….. ؟؟؟ ومن هو الأكثر طاعة مؤدبة واعية مهذبة مثلما هو عليها الإمام الحسين عليه السلام …. !!! ؟؟؟ومن هنا بدأت تلوح في الأفق غبش صورة تهيئات تباشير الأرهاصات التمهيدية ، لتعبيد الطريق لحاكمية يزيد بن معاوية ، على أساس جعل الخلافة وراثية صلبية ، يأتي بعدها دور العشيرة لما يعقم نسل الصلب ، وهكذا يستمر تنصيب الخليفة في صلب الأسرة السفيانية ، والعشيرة الأموية بعدما تجف منابع الصلب السفياني ، أو تضعف وتهش وتبرد وتعقم وتجمد ولا يتحرك لها ساكن …..، مثلما حدث لمروان بن الحكم لما تقلد منصب الخليفة — وهو ليس من صلب معاوية — بعد معاوية بن يزيد التي لم تدم خلافته طويلآ إلا أيامآ وأسابيعآ ، وتنازل عنها معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان … ، وإقراره معترفآ بعدم جدارة أسرته لتوليها …. وأنها كلمة حق نطقها ، وأفصح عنها ، وبينها ، وأنه موقف بطولة إعتراف من نسل صلب معاوية فلتة عابرة طائرة ( وهو حفيده المباشر من إبنه يزيد ) ، وأنه أعلن فساد كل حاكمية بني سفيان من يزيد أخي معاوية الأكبر يوم كان حاكمآ على الشام نصبه فيه عمر بن الخطاب ، وإمتد من خلاله سلطان حاكمية بني سفيان على الشام ، ومن معاوية ، ومن أبيه ( أبي معاوية الصغير * الثاني * ) يزيد ، شاملة إستمرار الخلافة في بني أمية وسفيان إمتداد تصدي مسؤولية خلافة ، وأنها كلها لا شرعية لها ، وليس لها حق بقاء ، فضلآ عن إمتداد ، وتوسعة ، وتفرع ، وتشعب ….. ولكن تقمصها عدوانآ بغير حق مروان بن الحكم الأموي ، وجاء بعده أولاده الأربعة ، الذين سماهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من قبل بالأكبش الأربعة ، وأن حكمهم ، وإستبداد وقهر حاكميتهم لم يدم طويلآ ، وعبر عنها نبوءة الإمام علي عليه السلام ب《 لعقة كلب أنفه 》لقصر مدتها ……حسن المياح – البصرة .