بقلم: الكاتبة سرى العبيدي ..
سفيرة الجمال والطفولة والإبداع العالمي..
قد يتطوع الآخرون لنقدك من دون طلب منك إحساسا منهم بالمسؤولية الشرعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأنت مسؤول عن الآخر والآخر مسؤول عنك في ظل هذه الفريضة العظيمة ، ولذلك انتقد القرآن اليهود وذمهم لأنهم ( كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون ) ، والنقد هنا نقدان :- النقد البناء .- النقد الهدام .نقد يأتي من حب وحرص وإخلاص وتقدير للمسؤولية الشرعية ، ونقد يأتي كشماتة وانتقاص وتقريغ وتوبيخ و ( كل إناء بالذي فيه ينضح ) ، فكيف نتعامل مع النقدين ؟( النقد البناء) هو بالنتيجة مطلبك ، وانت تسعى إليه ، وحتى لو لم تكن تسعى إليه وجاءك عرضا إلا أنه يصب في مصلحتك ، ففي الحديث ( من بصرك عيبك فقد نصحك ، ومن ساتر عيبك فقد غشك ) فإذا كنت تطمح إلى تطوير شخصيتك فكن مستعداً لنقد الآخرين الذين يريدون بك خيرا ، وينقدونك بموضوعية وتجرد ، وقد قيل ( الصراحة قد تجرح ولكنها تهدي ) فهي أشبه بوخز الحقنة الطبية يؤلمك وخزها ويشفيك دواؤها .أما ( النقد الهدام ) أو الجارح أو التسقيطي الذي ينفخ في الأخطاء ويضخمها ويفتح الدفاتر القديمة ويسود صفحتك أمام الآخرين ، فأمامك أحد خيارين في التعامل معه :- إما أن ترد عليه ردا مفحما يجعل صاحبه يتراجع أو يقف عند حده .- وإما أن تتجاهله ، لأن النقد الذي يتخذ صفة التجريح والتشريح والسباب والشتائم ، ليس نقدا بل هو ( حمق) وقد قيل في علاج ذلك : ( سكوتك بوجه الاحمق أفضل صفعة توجهها إليه ) ، خاصة إذا كنت تأمن من نفسك أنك لست كما يقول القائل .فهناك الكثير من الحساد والمتحسسين والحانقين والحاقدين والمتأزمين المحتقنين الذين ما إن يروك حتى يتفجروا بوجهك كأنهم قنابل موقوتة ، والإعراض في مثل هذه الحالات أفضل الحلول وأسلمها ، يقول تعالى : ( واعرض عن الجاهلين) ، ويقول : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) …وطالما أننا في صدد النصيحة والنقد والتسديد ، فالنصيحة توجه لأمثال هؤلاء ولكل الناقدين الذين يرون في الخطأ الذي يرتكبه شخص جناية عظمى فيهجمون عليه بسهام نقدهم حتى يثخنوه بالجراح .ويقول سيدنا علي بن ابي طالب عليه السلام:( المسلم مرآة أخيه ، فإذا رأيتم من أخيكم هفوة فلا تكونوا عليه البا ، وكونوا كنفسه ، أو ارشدوه وانصحوا وترفقوا به ) .اي لاتنقضوا عليه انقضاض الصقر على الفريسة ، بل ساعدوه على أن يتجاوز عثرته .