بقلم : حسن المياح – البصرة ..
هناك شيء ثابت مستقر جاثم مرفوض شعبيآ الذي هو الفساد منذ عام ٢٠٠٣م …. ولا بد لنقيضه أن يتحرك《 تظاهرات الإصلاح 》ليشكل صيرورة شيء جديد …. وهذه الصيرورة لا تكون إلا من خلال الحركة التناقضية التي تحدث صراعآ بين المتناقضين ( لأن المتناقضين لا يجتمعان بالشروط التسعة ، من مكان وزمان وحال وموضوع وكم وكيف ، وما الى ذلك) ، فينتصر الأقوى الجديد الذي يزيح القديم الفاسد ، أو غالبآ ما يكون بعضه …. والصيرورة هذه مرة تكون نقية خالصة لا يشوبها فساد قديم ( وهذا نادر الوجود ، إن لم نقل عدمه ) ، وهذا لا يحدث فجأة ودفعة واحدة ، ولكن الزمن والتجربة الإجتماعية كفيلتان بتحقيق ذلك من خلال الممارسة والتطبيق النزيه الصادق الأمين النظيف الجاد…. ومرة تكون الصيرورة مشوبة بالفساد القديم ، بمعنى إجتماع ( طبعآ إجتماع وجود مصاحبة لا غير ، يعني أن الإثنين موجودان وفي تصارع ، ولا بد لغلبة واحد ، كتبادل أدوار فرض قوة وجود متسلط يتحكم ) بعض ما هو فساد قديم ، مع ما هو جديد يدعو الى التغيير والإصلاح ، وهذا ما يحدث غالبآ ، فيما إذا حققت التظاهرات موجها التغييري ، وفاعليتها المؤثرة المبدلة ….. وعلى أساس هذا تقوم التظاهرات …..
فهذا التضاد الناشيء بين القديم الفاسد الجاثم المتسلط الحاكم ، والجديد المضاد المغير للإصلاح ، ما جاء إلا على أساس حركة ، لأنه عند تلاقي الجديد والقديم تصارعآ ( يكون هذا التلاقي هو منشيء الحركة ) ، والمقصود بالتضاد المنشيء للحركة ، هو إنشاء وتسبيب لحركة المحرك الذي هو التظاهر ؛ لا كونه منشئآ للحركة بذاتها . فالتضاد الحاصل بين الفساد القديم والتغيير الإصلاحي الجديد ، هو الذي يحرك المحرك ( الذي هو التظاهرات )….. فالصيرورة تنشأ على أساس هذا التضاد الذي تسببه الحركة التي تحرك المحرك …. ولولا التضاد ، لما حدثت تظاهرة ، ولا أي حادث في الكون قاطبة ، والأشياء تعرف بأضدادها ، وتميز على أساس الإختلاف الذي يحصل بينها …..
فالصيرورة — وفق المنهج الهيغلي القائم على أساس ديالكتيك التضاد — هي حاصل تركيب الفساد القديم مع التغيير الإصلاحي الجديدة …. ولا بد أن يخرج بوجود جديد ( يعني صيرورة ) ، غير الوجود الفاسد القديم الثابت الذي كان مستقرآ جاثمآ ، والذي على أساس الثبات والإستقرار ، فأنه يجب أن يبقى كل شيء على حاله الذي هو عليه ، ويحتفظ ب《 هوهويته 》….. بمعنى يبقى الفساد هو السلطان الحاكم ……
ولكن على أساس مبدأ الحركة ( التظاهرات ) فكل شيء لا يبقى على حاله ، ولا يحتفظ ب《 هوهويته 》؛ وإنما يأتي دور الغير ليحل محله … لأن عدم الثبات يعني التغير في كل لحظة ، والتغير بالطبع يعني حدوث《 غيرية 》؛ وليس بقاء السابق الفاسد على ما هو عليه من سلطان حاكم …. وذات الحركة هذه ( التظاهرات الإصلاحية ) هي ذات التغير ، وأنها الغيرية ، لأن الشيء ( الحكم الفاسد ، والحكومة المنحرفة عن خط إستقامة الصلاح ) لا يبقى بنفسه دائمآ مهما بذل من جهد على بقاءه ، ولا بد لذاته من أن تتغير وتتبدل …. وتحل محلها الصيرورة الجديدة ( وإن كانت هذه الصيرورة الجديدة ( في الحراك السياسي ) حاملة لبعض الشيء من الفاسد القديم ، ولكن فيها ما هو إصلاحي قوي فتي جديد أكثر وأكبر ، وعلى إمتداد الزمن أنه يقضي عليه ويقلعه وينسفه ويلغي وجوده ) على ما فيها من أمل بعض التغيير المصلح الذي يهديء من بعض الأحوال …… 《 وعلى أساس مبدأ قانون الحركة العام ، فإن الكون في تغير وتبدل تام ودائم ومستمر ، فمثلآ ماء النهر الذي نسبح فيه قبل دقيقة ، هو غير الماء الذي نحن الآن فيه نسبح ، بفعل مبدأ وقانون الحركة العام الشامل لكل ما هو موجود في العالم من أحوال ….. وحتى جسم الإنسان يتبدل في فترة زمن عشر سنوات ، ويكون جسمآ جديدآ ، غير ذلك الجسم الذي كان منذ عشرة أعوام ….. ) ….
وهذا ما نتمناه من التظاهرات الإصلاحية الحاشدة المتكررة ….. ويجب ان لا تقتصر على دخول منطقة الخضراء ( بما فيها من مؤسسات تشريعية وحكومية تنفيذية ) التي أصبحت سهلة وهينة وسلسة ، ومن الممكن الدخول اليها في أي زمان ، ومن أي مكان …. { وهذا ما يذكرنا بمسرحية عادل إمام* ما شافش حاجة * لما يقول < داخلة خارجة ، خارجة داخلة > من دون أي موج تغيير إصلاحي ….. لأنها بهذه الحال ، تكون التظاهرات عابثة سفيهة حمقى ، لا تنشد تغييرآ نحو الأفضل ، ولا إصلاحآ نحو الأنفع والأحسن ….. ، بمعنى لا بد أن يكون هناك من تأسيس وتثبيت جديد لما هو تغيير وتبديل من فاسد الى صالح ، ولو في بعض الأمور الضرورية والماسة لحاجة الشعب العراقي …..
وخلاصة القول أنه لا بد الى زوال《 الهوهوية 》، والهوهوية هو بقاء الفساد والإستئثار الذاتي الفردي السياسي المنحرف الحاكم على حاله ، سواء كان شخصآ مسؤولآ ( أو عميلآ ) صدفة وغلطة وفلتة ، وحزبآ سياسيآ آثر مكيافيلية نفع وجود ذاته المتسلط المتصعلك على حساب الشعب العراقي ، ونهب ثرواته …..