بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
البارحة وبينما كنت اتصفح كتاب (Don’t Let Others Rent Space in Your Head)، للكاتب غاري كوكس، والذي كان يحذر فيه القراء من حملات استحمارهم، والسيطرة على رؤوسهم، والتحكم بعقولهم، اكتشفت ان بعض القطعان البشرية المنتشرة لدينا في عموم البلاد العربية، تجاوزت هذه المرحلة، ولم تعد بحاجة إلى تلقي جرعات التضليل والاستحمار، لأنها هي التي اختارت بنفسها الوقوع في قبضة المستحمرين، وتنازلت تماماً عن آدميتها لمصلحة الغير لكي تعيش أجواء الذل والاذعان والعبودية بمحض إرادتها . .
ربما سمعتم قول (ارسطو): من أراد أن يُطاع فعليه أن يعرف كيف يأمر. ومن المؤكد انكم تعرفون المثل العربي: (اذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع). والذي يتفق فيه ارسطو مع الحكماء العرب. لكن هذا الكلام لا يسري على القطعان البشرية المنساقة على غير هدى وراء المجهول، فمفهوم الطاعة يختلف لديهم عن مفهومه عند الشعوب والأمم المتحضرة، فهم مطبوعون على الطاعة العمياء والولاءات المقدسة، ولا أمل في ثقيفهم وارشادهم وتوعيتهم، وما اكثر الشواهد والأمثلة على سلوك هؤلاء المصابون بعقدة الدونية، ويحملونها في جيناتهم، ويجدون متعة كبيرة في استنشاق افيون الصنمية. .
نحن نعاني الآن من تكاثر اصحاب العقول المشفرة، واصحاب العاهات العقلية الموروثة، ويعاني مجتمعنا الآن من انتشارهم، وإتساع رقعتهم، وتعاظم حاضناتهم، ونخشى اننا إذا ظللنا نتجاهلهم ولا نعبء بتمردهم على الاعراف والقوانين والشرائع، فإن هذا الثقب الأسود سيلتهمنا جميعا. .