بقلم: حسن جمعة ..
كأن الحياة فعلا تدور وتعود لانطلاقتها في كل حين وخصوصا في بغداد التي تم تسميتها بآلاف الاسماء خصوصا مراكز الحكم فيها ففي ازدهارها تسمى الزوراء واسماء كثيرة اخرى وقد لفت انتباهي اغنية قديمة على شكل مون ولوج تم تسجيله في العام 1938 بصوت المطرب عزيز علي يردد فيه (كام الداس يا عباس جافت سمجتنه من الراس يا ناس ضاع المقياس وما ظل شيء نعلن الافلاس) واكيد تلك الكلمات لم تكتب في زمن الرخاء او في زمن كان فيه العراقيون بتخمة وشبع فكلمات الاغنية واضحة وكأنها كتبت لهذا اليوم الذي نعيشه بعد (ما كام الداس وجافت السمجة من الراس وضاع المقياس واعلان الافلاس) كلمات رغم بساطتها لكنها مؤثرة جدا وتوقفت عندها طويلا وعادت بي الذاكرة لاقارن ما كان يحدث سابقا بما يحدث اليوم وكأن البؤس كتب علينا ولم نتذوق من حكوماتنا سوى الذل والهم والجوع وهم ينهبون اموالنا ويتمتعون بها مع عوائلهم التي تعيش خارج البلاد وما يمتلكونه من أرصدة في البنوك الخارجية وعقارات في شتى بقاع الارض وفي الاماكن الراقية والتي تعتبر الاغلى في العالم والشعب يتحسر ويقضي يومه لياتي ببعض بيضات وقنينة زيت الطعام وبعض خبزات صغر حجمهما لتكون كأقراص (السيدي) فكيف ستكون اغانينا وماذا سيكتب احفادنا بعد حفنة سنين..وهم يلعنوننا ليل نهار وبسياسيينا بل يلعنون اليوم الذي ولدوا به في بلد لم ينعم بالراحة يوما رغم تاريخه الطويل العريض الذي يمتلئ غزوات وخيبات وفيه الناس تاكل الفتات..اعذرونا ايها الاحفاد فلم نستطع ان نترك لكم ما يستحق لان من حولنا من ساسة تحميهم المدرعات والطائرات والجيوش ومللنا من فقدان اخواننا واصدقائنا وجيراننا دون تحقيق شيء! .