بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
حزمة من الأضواء الزرقاء الساطعة تشبه البرق، خرجت من الأرض نحو السماء في محيط المناطق التي ضربتها الزلازل، فتضاربت الآراء والتفسيرات حول مصدرها وعلاقتها بالهزات الأرضية. .
فقد شاهدها الناس عام 1988 على شكل كرة أرجوانية زهرية متلألئة بالأنوار، ظهرت على سطح نهر سانت لورانس في كندا، قبل 11 يوما من وقوع زلزال قوي. وفي عام 2007، شاهدوا ومضات ساطعة أضاءت سماء مدينة بيسكو بدولة بيرو قبل وقوع الزلزال. وتصاعدت ألسنة اللهب المنبعثة من سطح الأرض عام 2009 قبل وقوع الزلزال في مدينة لاكويلا بإيطاليا. وشاهدوا حزمات ضوئية عملاقة ظهرت هذا العام (2023) من الوديان القريبة من ضواحي ولاية غازي عنتاب في تركيا. .
تعددت تسميات هذا الضوء البراق المتوهج. فمنهم يسميه البرق الصفيحي sheet lightning، أو كرات الضوء balls of light، أو اللافتات streamers، أو التوجهات الثابتة steady glows، لكنهم يختصرونها بالأحرف (EQL) وهذا الاختصار مأخوذ من عبارة (Earth Quake Lightning). يختلف الجيوفيزيائيون في تفسيرها، ويرفضون التعامل معها كمؤشرات للزلازل. ومنهم من افترض أنها ناتجة عن الشحنات الكهربائية التي يتم تنشيطها في أنواع معينة من الصخور أثناء النشاط الزلزالي، في ظروف مشابهة لتشغيل بطارية في مكان عميق تحت تشققات الأرض. ومنهم من يظن ان صخور البازلت تحتوي على عيوب صغيرة في بلوراتها يمكن أن تطلق شحنات كهربائية في الهواء. وتقدر هذه الاضواء بأقل من 0.5 % من الزلازل في جميع أنحاء العالم، وهو ما يفسر ندرتها. واتفقوا على انها تظهر بشكل أكثر شيوعاً قبل أو أثناء الزلازل وليس بعدها. .
واقترحت دراسات جيوفيزيائية سابقة أن الإجهاد التكتوني خلق ما يسمى بالتأثيرات الكهرضغطية، حيث تنتج الصخور الحاملة للكوارتز مجالات كهربائية قوية عند ضغطها بطريقة معينة. لكن أحد التعقيدات في دراسة أضواء الزلازل هو: أنها قصيرة العمر ولا يمكن التنبؤ بها. وفي محاولة للتغلب على ذلك، حاول بعض العلماء إعادة إنشاء الظاهرة في المختبرات. .
ففي دراسة قادها عالم الفيزياء في جامعة روتجرز في نيوجيرسي (Rutgers University)، ونشرت في عام 2014، قالت ان الاضواء ناجمة عن احتكاك الصخور مع بعضها البعض، وهو ما يتعارض مع نظرية الكهروضغطية. .
وبالتالي فان تضارب آراء العلماء حول مصدرها سيفتح المجال واسعا لكل التكهنات بضمنها توجيه الانظار لبعض القوى الدولية المتهمة باستخدام سلاح الهارب (HAARP) أو المتهمة بالتفجيرات النووية وغيرها. .
والله أعلم. . .