بقلم: كمال فتاح حيدر ..
جاء إعلان روسيا عن اعتمادها اليوان الصيني في المدفوعات بدلاً من الدولار الأمريكي ليوجه ضربة قاصمة إلى بيت الزهايمر الأبيض، وقررت البرازيل التعامل باليوان في تجارتها مع الصين بمعدل 150 مليار دولار سنوياً، في الوقت الذي تخوض فيه السعودية محادثات جادة مع بكين حول اعتماد اليوان في المدفوعات. وسوف يتساءل الناس في ضوء هذا المتغيرات العاصفة عن مدى تأثر الاقتصاد الأمريكي بهذه الخطوة التي ستفقد الدولار هيمنته على العالم ؟. ففي تصريح لمساعدة وزير الخزانة السيدة (مونيكا كراولي)، قالت فيه: (لا يمكننا تخيل حجم التداعيات الكارثية التي ستنجم عن رفض التعامل بالدولار الذي ظل يمثل العملة العالمية منذ الحرب العالمية الثانية، وكان دالة مصرفية للعملة المستقرة والآمنة المعززة بعدة عوامل). .
كان الدولار مدعوما بالذهب، لكن الرئيس الامريكي نيكسون أزال ارتباطه بنظام الذهب العالمي، ولم تعد هنالك أصول صلبة تدعمه على مدى العقود الماضية، لكنه ظل صامداً ومتسيداً بقوة الولايات المتحدة ومكانتها الاقتصادية، ولطالما كان معتمداً في المعاملات النفطية، وبالتالي سينتهي الدولار إذا توقفت التعاملات النفطية، وهذا يعني انه سيواجه الأعاصير الكاسحة. فقد كان هو الامتياز الكبير الذي تنفرد به امريكا، لكن البيت الابيض أساء استخدام هذا الامتياز في سياساته النقدية المتهورة في السنوات القليلة الماضية، وتسبب في انخفاض قيمة الدولار، فما بالك بالأعاصير التي يفتعلها اليوان هذه الأيام والتي يقف أمامها بايدن حائراً مذهولاً، لا يحسن التصرف، في الوقت الذي اعلن فيه الحرب على إنتاج الطاقة الامريكية المحلية، وتسبب في استنزاف ثروات بلاده في الحرب الاوكرانية، وتسبب في تنامي الكيانات الدولية المعادية لأمريكا، وظهور تكتلات اقتصادية جديدة. اما إذا نفذت السعودية قرارها، وتحولت نحو اليوان، وتبعتها بعض البلدان النفطية، فذلك يعني الانهيار الكامل للنظام الاقتصادي العالمي، وستكون الولايات المتحدة أول المتضررين، وسيصل عندها التضخم الاقتصادي إلى عنان السماء، وستفقد هيمنتها الاقتصاديه. .
لقد شهد اليوان ارتفاعاً بأكثر من 8 % في عام 2021، وحقق وقتذاك المكاسب الكبيرة مقابل الدولار، حيث ارتفع ما بين 2.4 و 2.8 % مقابل الدولار. . وبحلول عام 2022، بلغت نسبة اليوان في احتياطيات النقد الدولي في البرازيل وحدها 5.37 %، متجاوزة نسبة اليورو التي بلغت في العام الماضي 4.74 %. .
ويتوقع خلال السنوات القادمة أن تسعى الصين لتمكين عملتها في السوق الدولية، كعملة تسويات مالية وتجارية، كما تتخذ الصين خطوات في إطار إصدار السندات الدولية المقومة باليوان. وقد أعلنت بورصة شنغهاي عن تسعير شحنة غاز إمارتية بالعملة الصينية، واتفقت البرازيل مع بكين على التبادل التجاري باليوان، وسارعت روسيا إلى استخدام اليوان في تجارتها الخارجية، وتشجع دول بريكس (BRICS) على إنشاء عملة موحدة، بينما سارعت دول الآسيان لتقليل الاعتماد على الدولار، وتوسيع استخدام العملات الوطنية في معاملاتها. .
لا شك ان تقليل الطلب العالمي على تداول الدولار من شأنه إضعاف قيمته، وانهيار النظام الاقتصادي الأمريكي وانهيار أركان البيت الأبيض. ولات حين مندم. .